اسلاميات

وجوب نصرة إخواننا المضطهدين في غزة وفلسطين

يعاني إخوان لنا من ديننا في غزة وفي فلسطين شتى أنواع الظلم والاضطهاد والتخطيط لتهجيرهم من أرضهم وأرض أجدادهم منذ آلاف السنين، آلة الحرب التي لا تفتأ تهدأ من قتلهم وإبادتهم جميعا، نساء وأطفالا وشيوخا

  • 118
  • 3:46 دقيقة
الدكتور عبدالحق حميش
الدكتور عبدالحق حميش

يعاني إخوان لنا من ديننا في غزة وفي فلسطين شتى أنواع الظلم والاضطهاد والتخطيط لتهجيرهم من أرضهم وأرض أجدادهم منذ آلاف السنين، آلة الحرب التي لا تفتأ تهدأ من قتلهم وإبادتهم جميعا، نساء وأطفالا وشيوخا، على مرأى ومسمع العالم أجمع، وبسكوت وتواطؤ الجيران من العرب والمسلمين، دون أن يحرك فينا وفي هؤلاء جميعا أي مشاعر أو إحساس بوجوب نصرتهم وحمايتهم من هذا العدوان الغاشم، مع العلم بأن عدم نصرتهم وتركهم لليهود الغاصبين يفعلون بهم ما يشاؤون إثم كبير وتخاذل عظيم.

إن ما يقع اليوم في الحرب على إخواننا في غزة معركة تاريخية ونقطة تحول وتغيير في المنطقة، حقد يهودي متجدد وشعب مضطهد صامد، ومجاهدون مؤمنون ثابتون، ومنافقون يتربصون ويخونون، والشعوب تغلي غضبا، والعالم الدولي ما بين متفرج أو مشارك، ودولنا العربية في تفرق وضعف، وانقسام للصف. ولا شك أن هذا الواقع الأليم الذي تعيشه الأمة الإسلامية عرض لمرض خطير دبّ في جميع أوصالها، وهو داء الوهن، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يُوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها”، قال: قلنا يا رسول الله أمن قلة بنا يومئذ؟ قال: “أنتم يومئذ كثير، ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل، ينتزع المهابة من قلوب عدوكم، ويجعل في قلوبكم الوهن”، قال: قلنا وما الوهن؟ قال: “حب الحياة وكراهية الموت”.

نداء إلى كل مسلم، حاكما كان أو محكوما، ألم تر مشاهد الآلاف من الشهداء والجرحى الذين هم إخوة لنا في الدين، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “المسلم أخو المسلم لا يَظلمه ولا يُسلمه”، وفي لفظ لمسلم: “ولا يَخذله”. فالواجب أن يسارع المسلمون لدعم الفلسطينيين ماديا ومعنويا، وكسر الحصار عنهم، وبكل ما تيسّر من السبل؛ السياسية والإعلامية والمادية والإغاثية، واللهَج بالدعاء لهم بالنصرِ والثبات. فهذا فرض عظيم، والتخاذل عنه إثم جسيم، وتركهم يموتون من أعظم المحرمات، وأشد الموبقات، قال الله تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض}، والواجب على المؤمن من ذلك ما يطيقه ويستطيعه، قال الله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}، وقال جل وعلا: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}.

إن نصرة أهلنا في غزة والفلسطينيين المظلومين والمستضعفين واجب أخلاقي وإنساني وشرعي، توجبه الظروف القاسية التي يمر بها إخواننا، من قصف متواصل؛ وتقتيل وتشريد العزل، وهدم بيوتهم وسلب أرضهم ومحاولة تهجيرهم، حيث لا يمكن وصف ذلك إلا بالإبادة الجماعية والعالم “المتحضر” كله يتفرج، مع الأسف، بل يسارع إلى مد يد العون للمعتدي الغاصب. إن كل فرد عربي أو مسلم مطالب ومسؤول، حسب استطاعته، عن نصرة إخوانه في فلسطين، والمجال في ذلك واسع ومفتوح، سواء بالنفس، أو بالمال، أو العلم، أو الإعلام، أو المقاطعة، أو الدعاء، وكل ذلك من باب الواجب وليس من قبيل التطوع أو التبرع، حتى نتوانى فيه أو نتكل فيه على الآخرين.

ونحن مأمورون بالجهاد في سبيل الله بأموالنا وأنفسنا، يقول الله عز وجل: {انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون}. وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من لم يغز أو يجهز غازيا أو يخلف غازيا في أهله بخير، أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة”، وعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيا في سبيل الله بخير فقد غزا”.

وقد دلَّت آيات كثيرة على وجوب نصرة المظلوم، ومنها قوله تعالى: {وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير}، وقوله تعالى: {وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا}؛ قال ابن العربي في هذه الآية: “قال علماؤنا: أوجب الله سبحانه في هذه الآية القتال؛ لاستنقاذ الأسرى من يد العدو مع ما في القتال من تلف النفس، فكان بذل المال في فدائهم أوجب، لكونه دون النفس وأهون منه”. ووردت أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم تدل على وجوب نصرة المظلوم والوقوف معه لدفع الظلم عنه واسترداد حقوقه، ففي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “انصر أخاك ظالما أو مظلوما”، قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما؟ قال: “تأخذ فوق يديه”.

يجب على المسلمين جميعا الدفاع عن دينهم وحرماتهم وأوطانهم بكل السبل المشروعة، سياسيا واقتصاديا وثقافيا وعسكريا، إمداد الشعوب الإسلامية المعتدى عليها بالمال والسلاح حتى يتحقق النصر ويُدمّر العدو وحتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله. إن كل اعتداء، ولو على واحد من المسلمين، يعتبر اعتداء على جميع المسلمين يجب الحيلولة دونه، كما يعتبر نقطة فاصلة في علاقة الأمة بغيرها، وعلى الأمة إظهار رفضها لما يمارسه أعداؤها في حقها، وتفعيل المقاطعة الدبلوماسية والاقتصادية مع هذه الدول المعتدية.

لمعرفة المزيد حول هذه المواضيع

التواصل الاجتماعي

Fermer
Fermer