الوطن

ظهور مدير المخابرات الخارجية.. الرسائل المحتملة

كان ذلك في أشغال ورشة مكتب شمال إفريقيا التابع للجنة أجهزة الاستخبارات والأمن الإفريقية (سيسا).

  • 13413
  • 2:21 دقيقة
الصورة: ح. م
الصورة: ح. م

في سابقة بالمشهد السياسي والأمني، ظهر مدير المديرية العامة للوثائق والأمن الخارجي، أمس الأحد، بالبدلة المدنية لأول مرة، متحدثا في نشاط مفتوح لوسائل الإعلام ومنفتح على الجمهور، كاسرا "تقليدا" تكرس لعشريات من الزمن، ظل مسؤول المخابرات خلالها يعمل في دائرة الظل، مجهول الملامح، وإن ظهرت، ففي صور صماء مسربة.

 اقتصر ظهور مدير الأمن الخارجي، العميد رشدي فتحي موساوي، منذ تعيينه، على صور ومقاطع فيديو قصيرة، بالبزة العسكرية، ينشرها حساب رئاسة الجمهورية، في منصة التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، تنقل اجتماعات المجلس الأعلى للأمن، غير أن خروج المسؤول الأمني الرفيع، في ورشة مكتب شمال إفريقيا التابع للجنة أجهزة الاستخبارات والأمن الإفريقية (سيسا)، مُلقيا كلمة، فتح مجال التأويل والتساؤل واسعا، حول ما يمكن أن يؤشر عليه ذلك؟ أو حول ما تريد السلطات بعثه من وراء هذا التحول في نموذج الاتصال المؤسساتي؟

وفي قراءة تحليلية لما يمكن أن تحيله أو يرمز إليه هذا النمط الاتصالي، ربط أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عبد الحكيم بوغرارة المسألة، بـ"تغيرات عميقة تحدث في سياسات الدول ومن ضمنها الجزائر"، ضاربا المثال بوزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الذي يزور الجزائر، "من منطلق أنه شغل منصب مدير للمخابرات التركية لسنوات، وصار يعمل تحت الأضواء وفي مرمى لأسئلة الصحفيين".

 ويعكس هذا "الظهور" أيضا في نظر الجامعي، عدم وقوع المسؤول الجزائري في العقد التي يريد الغرب إلصاقها بالجزائر، بتكثيف الحديث عن وزن المؤسسة العسكرية، في حين، يقول بوغرارة: "أننا اليوم أمام عالم يشهد محاولات عسكرة في العلاقات الدولية والاختراقات الكبيرة التي يحاول الغرب إحداثها في مختلف مؤسسات الدول".

 ويرى المتحدث أن التحولات العالمية فرضت اعتماد نماذج أكثر تكاملية وانفتاحا بين المؤسسات، واقتناعها بضرورة تنمية "تثاقف" وثيق بينها.

 كما عبّرت هذه الصور، بالنسبة لبوغرارة، عن تعميق توجه لتعزيز الثقة مع المواطن، وإبراز مختلف الشخصيات والكفاءات التي يمكن أن تكون قدوة لخدمة المجتمع، مشيرا إلى أن الكثير من قيادات الأمن والاستخبارات نجحوا في إدارة العديد من المؤسسات المدنية، بالنظر إلى تكوينهم وتجاربهم والاطلاع والتمتع بمهارات القيادة.

 وشكل هذا التحول على مستوى الاتصال أيضا، مركز اهتمام مراقبين وصحفيين، ومن ضمنها، ما كتبه الإعلامي عثمان لحياني، معتبرا ذلك "سابقة غير معهودة في علاقة جهاز الاستخبارات بالمجال المعلن"، من خلال تنظيم الجهاز لأول مرة فعالية علنية مفتوحة للتغطية الإعلامية (محدودة)، و"تعليق لافتة في فعالية رسمية تحيل إلى الاستخبارات كجهة تنظيم".

 وعلى صعيد الاتصال غير اللفظي، فإنه في نظر لحياني "هناك أكثر من سبب ودافع لحدوث تطور تدريجي وخروج قائد الجهاز من دائرة الظل إلى الفضاءات والفعاليات المُعلنة والحديث في الشأن العام ولو على نطاق محدود، بما قد يُغيّر كثيرًا من صورة الجهاز على الصعيد العام، ويحيّد صورة نمطية ظلت لصيقة بقيادات المؤسسة الأمنية".

 ويرى الصحفي أن "هذا المتغير يوحي أن هناك إمكانية قائمة لتفكير مختلف، الحكم عليه مرتبط بنتائجه، سواء كان ذلك عن قناعة ورغبة في كسر الحواجز وإحداث تطبيع لصورة الجهاز الأمني وقياداته التي لا تعوزها اللغة والمعرفة، أو كان لانتفاء أي مبرر للاستمرار في الطابع التقليدي".

التواصل الاجتماعي

Fermer
Fermer