لا شيء يقلق الإنسان، ويصيبه بالصداع الرهيب، وقد ينغص عليه حياته كلها، هذه الأيام مثل الإفراط في الحديث عن الانتخابات الرئاسية.. كثر عدد الناشطين والمحللين وكل واحد يدلي بدلوه في الانتخابات الرئاسية عبر الجرائد والتلفزيونات والإذاعات، والأكيد ستزداد خطبهم ومداخلاتهم فور انطلاق الحملة الانتخابية، بشكل يوحي وكأن الحياة في الجزائر ستتوقف ولن يكون هناك حديث آخر يهمّ الجزائريين سوى الانتخابات الرئاسية..ستتوقف في نظر هؤلاء الناشطين والمحللين بعد غد الإضرابات بعدما تركن النقابات إلى الراحة، وستتلاشى الاحتجاجات بعد أن اقتنع المواطنون بأن الفرج سيأتي لا محال، وسيمتنع البطالون عن المطالبة بمنصب عمل بعد أن تأكدوا أن “الرزق على ربي”، وسيدخل الطلبة والتلاميذ إلى أقسامهم بعد أن تأكدوا أن “اللي قرا قرا بكري” وستنتهي الطوابير في المحلات التجارية بعد أن قرر الجزائريون الشروع في الصيام قبل حلول رمضان، وستتوقف قوافل “الحراڤة” بعد أن يتأكد أبطالها أن “الجنة أصبحت في بلادنا”.. وسيعود الأمن والطمأنينة عبر كامل أرجاء الوطن بعد أن تزول الجريمة ويتوب المجرمون والمنحرفون.إن الشيء الذي يجهله أو يتجاهله هؤلاء “المحللون” هو أن الجيل الذي يخاطبونه اليوم عبر التلفزيون أو الإذاعة جيل “فايق”.. جيل دخل عالم الأنترنت منذ نعومة أظفاره وتجول في كل المواقع ورأى وعرف ما لم يره أو يعرفه آباؤه.. جيل اطّلع على أنماط الحياة في دول العالم المتقدم، فرأى الحرية والعدل وحقوق المواطنة، ثم حين أغلق جهاز الكومبيوتر رأى واقعا تعسا في بيته ووطنه.. جيل رأى الشفافية في بلاد كثيرة، بينما رأى في بلده كل ألوان الفساد.. جيل وجد بعضه معرّضا للانتحار يأسا دون أن تمتد إليه يد المساعدة.. جيل يئس من الكبار الذين تربوا على الكذب والنفاق.. جيل لم يعد يؤمن بالخطابات التي تسبق الانتخابات، ولا بالنتائج التي تأتي بها الانتخابات.. جيل يبحث فقط عن “عمل وزوجة وبيت” ولا يهمّه، أبدا، من يكون رئيسه. جيل بكل بساطة شعاره “آو فاقو”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات