+ -

 هل يجرؤ وزير الخارجية الجزائري، وغيره ممن سيفرشون البساط الأحمر لوزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، يوم الأحد القادم، ويقول له صراحة إن بلاده فرنسا هي واحدة من البلدان التي أعطت نفَسا جديدا للإرهاب العالمي، كما قال متحدث باسمه في ملتقى دولي قبل أيام قليلة، والذي تناول بالتفصيل الوضع في الساحل ومدى توغل الجماعات الإرهابية بفعل ما حدث في المنطقة.الردّ بسيط، وسيقول المسؤولون الجزائريون إنه من غير اللائق إحراج الضيف، الذي جاء ليتباحث معهم وسائل الخروج من ذلك الوضع الذي تسببوا فيه، هم وشركاؤهم الذين ظهر أنهم “وحوش”.  وأكثر من ذلك لن يغتنم أصحاب الضيافة حتى الظروف التي سيتنقل فيها وزير الخارجية الفرنسي إلى الجزائر، ليتعاملوا معه ومع بلاده، مثلما تتعامل دائما مع الجزائر عندما تكون أوضاعها هشّة. والحق أن الجزائر أيضا هشّة، لكنها ليس في مرتبة هشاشة فرنسا هذه الأيام في الموضوع الأساسي الذي تنقّل من أجله هذا الوزير اليساري، الذي سيسعى، كما فعل الفرنسيون دائما، إلى “الاغتنام إلى أقصى الحدود” ما دامت خزائن الجمهورية الجزائرية فائضة، ولا يحسن الجزائريون المتاجرة بها. ويمكن للجزائريين، مثلا، أن يقولوا لهذا الضيف إن الحكومة التي ينتمي إليها لا تلقى الإجماع في بلادها، وأن الرئيس الذي عيّنه تقهقرت شعبيته في أوساط الرأي العام الفرنسي، وأن اليمين المتطرف يكاد يكتسح بلاده، وبالتالي يمكن لهم أن يقولوا له إنّ عليه أن يقدّم للجزائريين أشياء ملموسة يستفيدون منها، البلد والشعب، وليس النظام وحده بطبيعة الحال. وقبل أن يحلّ فابيوس في الجزائر، سبقه حدثان مهمان: الأول يتمثل في محاكمة عبد المومن آل خليفة في محكمة نانتير بباريس، وما نشرته الصحافة الفرنسية من أسماء وتفاصيل، لا شك أنها أحرجت “الأولغارشية” الجزائرية، والتي ورد فيها اسم شقيق الرئيس. الحدث الثاني الذي مازالت فرنسا تلوّح به كلما كانت على موعد مهم مع الجزائر، وهي قضية رهبان تيبحيرين. ولا شك أن هذين الحدثين لم يفرضا نفسيهما بمحض الصدفة على الساحة الفرنسية. ولا شك أن لوران فابيوس سيردّ إذا لامه أحد أنه “لا يملك سلطة على القضاء الفرنسي”.  سيأتي لوران فابيوس إلى الجزائر ومعه وفد كبير من رجال الأعمال وأرباب المؤسسات، الذين سيقترحون على نظرائهم الجزائريين تحويل بلادنا إلى “جنة صناعية وفلاحية وتكنولوجية”! وما إلى ذلك مما سبق وأن اقترحوه كلما جاءوا إلى الجزائر، في مثل هذه الظروف التي تدفعهم إلى البحث عن أسهل طرائق إنعاش اقتصادهم الوطني بالريوع المودعة في الجهة الجنوبية من المتوسط، ليضمنوا به سلمهم الاجتماعي. ويعلمون أنه لن يساومهم أحد، مثلما يفعلون هم، ولن يفرض عليهم شروطا أو التزامات وكل ما يفعله المتفاوضون الذين يحترمون أنفسهم.لا شك أن السيد رمطان لعمامرة “ناس ملاح”. لكن السياسة الخارجية الجزائرية يرسمها ويمليها الجالس فوق الكرسي في المرادية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات