+ -

 لا يزال القائمون على شؤوننا عنوة يعتقدون جازمين بأن الإصلاحات هي مسألة خطابات طويلة وعريضة مكتوبة بلسان عربي قح وفصيح من طرف مستشاري الرئيس من أمثال زرهوني، بوغازي وآخرين يستنجد بهم بين الحين والآخر. يتفنن هؤلاء في انتقاء الكلمات الرنانة وتوظيف المحسنات البديعية والصور البيانية، متناسين أن السياسة هي قول قبل أن تكون فعلا ولا تخضع لنفس معايير النقد التي تعودنا تطبيقها على القصائد من قبيل العاطفة صادقة وجياشة. ففي رسالة الرئيس الأخيرة بمناسبة الثامن ماي تضمنت عبارات “أرزاؤها... أخاديد غائرة... أجداثهم شآبيب الرضوان... لا مندوحة إلخ”، كلمات، كلمات، كان يكفي تعويضها بفعل سياسي واحد هو الموافقة على مقترح القانون الذي تقدم به نواب الأفافاس لمنح صفة الشهيد لضحايا أحداث 8 ماي 1945 الذي رفضه البرلمان والعربي ولد خليفة بتعليمة من الرئيس. ونفس الأمر ينطبق على مضمون رسالة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة: “أغتنم هذه السانحة لأحيي العاملات والعاملين في حقل الإعلام...”، لنقتنع بأن عاطفة الرئيس صادقة وجياشة وتحيته نابعة من القلب، فالأمر يتطلب أفعالا بسيطة، كإعطاء حوار لجريدة وطنية، تغيير ترتيب العناوين الرئيسية في نشرة الثامنة بوضع أخبار المواطنين قبل برقيات تهاني الرئيس، تقليص عدد صفحات الإشهار لجرائد “الشعب” و”المجاهد” التي وصلت مؤخرا إلى 15 صفحة من أصل 24 صفحة، برمجة حصص في التلفزيون العمومي بمشاركة علي يحيى عبد النور، حمروش، أحمد طالب، بن فليس، بن يوسف ملوك، نينا بوراوي، بن شيكو وآخرين من الوجوه المغضوب عليها. وفي رسالة بمناسبة يوم الشهيد 18 فيفري الماضي نقرأ: “قياس مدة متانة الجسر الذي يصله بأولئك الشهداء... الذين رووا كل شبر من أرض الجزائر بدمائهم الطاهرة لتورق عزة وكرامة”، وكان حري بالرئيس إذا أراد قياس متانة هذا الجسر الذي يصله بالشهداء أن يفرج عن قانون المجاهد والشهيد الذي طال انتظاره وعدم توظيفه كورقة سياسوية، إنصاف بن يوسف ملوك، الإفراج عن أرشيف الثورة. كما اجتهد كُتاب رسائل الرئيس لإيجاد أصدق وأبلغ الكلمات لدعوة الجزائريين للانتخاب بالتركيز على عزيمة الرئيس لمباشرة الإصلاحات: “ما من أحد منكم يجهل أني قضيت سحابة عمري في خدمة بلادي الجزائر, من دون سواها من الغايات. وجعلت من قضيتها غاية حياتي ومماتي وعلة وجودي”، فماذا يمنع الرئيس من إشراك شخصيات وطنية معارضة حملت نفس القضية والغاية وجعلت من الجزائر علة وجودها في مسعى الإصلاح والمصالحة والمشاورات، للتعبير عن حسن النية عوض الاعتماد على وسطاء فاقدين لأية مصداقية؟[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات