Placeholder إعــــلانات
Placeholder إعــــلانات

الوطن

رسالة إلى صنصال

"... ثمة صمت يحمي وكلمات تؤذي.. ثمة نقد منير وآخر مهين"، "كلمات كتبك، ألقيت بلا اعتبار، بلا حنان، بلا إخلاص، وكأنها تعد تأتي.

  • 30749
  • 2:36 دقيقة
رسالة إلى صنصال
رسالة إلى صنصال

"... ثمة صمت يحمي وكلمات تؤذي.. ثمة نقد منير وآخر مهين"، "كلمات كتبك، التي ألقيت بلا اعتبار، بلا حنان، بلا إخلاص، وكأنها لم تعد تأتي من الوطن، بل من شرفة عالية ننظر منها إلى الجمهور الجزائري، في سان جيرمان دي بري"، بهذه المقدمة المؤثرة، استهل المؤرخ فريد بلقاضي، مكتشف جماجم مقاومين جزائريين في متحف الإنسان في فرنسا، سنة 2021، رسالة مقتضبة للكاتب الجزائري - الفرنسي، بوعلام صنصال، الموقوف منذ منتصف نوفمبر 2024.

 واسترسل بلقاضي في رسالته، المنشورة في موقع "الفدرالية الوطنية للتفكير الحر" بفرنسا، والناقدة لمواقف وطروحات صنصال المعادية للذات الجزائرية، قائلا: "أنت الذي لا يملك موهبة الكاتب الكبير كاتب ياسين، لا نعني منعك من النقد، فالجزائر، مثل أي أمة حيّة، يجب أن تكون موضع تساؤل، واهتزاز، ولماذا لا إدانتها في بعض الأحيان، ولكن ليس كل نقد عادلا وليس كل غضب شجاعة وليس كل صراحة وفاء".

ويُفهم مما بين سطور الرسالة، أن المؤرخ أراد أن يرسم خطا بين النقد الحقيقي البناء والنضالي والنقد الذي ينطلق من ذاتية ومن أحقاد ومن استغلال إيوديولوجي واستعمال سياسوي وانتقامي.

 وواصل بلقاضي موظفا كلمات ومفردات محملة بالعاطفة والعقلانية في نفس الوقت، "عندما تتحدث عن بلدك الجزائر الذي أعطاك كل شيء، باعتباره سفينة غرقت، لا يمكن إصلاحها، فاسدة أو متعصبة بشكل لا يمكن استدراكه، فأنت لا تصف الجزائر، أنت تعزز الصورة التي يحلم بها أعداؤك، وتمنح صوتك لأولئك الذين أرادوا، منذ عقود، إقناعنا بأن الشعب الجزائري لا يستحق أرضه، ولا عَلَمه، ولا حريته، وأن الجزائر كانت بمثابة صحراء بلا اسم تقريبا، ومجرد اختراع فرنسي بسيط".

 وما يؤلم في كلمات صنصال، بالنسبة للمؤرخ بلقاضي، ليس الصرامة، بل هو "قلة التقدير وانعدام الأمل وقلة الحياء أيضا، غياب الألوان"، مشيرا إلى أنه "يمكنك أن تدين دون احتقار أو إهانة، ويمكنك أن تتّهم دون أن تتخلى، ويمكنك أن تشعر باليأس دون أن تحتقر الشعب الذي أنت جزء منه".

فالجزائر بعيدة كل البعد عن الكمال، يتابع بلقاضي "إنها لا تزال جريحة بسبب تناقضاتها، بسبب تأثيرات الماضي الاستعماري القاسي، ويعوقها إرثه، وتمزقها قوى الأمل والانسحاب المتعارضة، لكنها على قيد الحياة. لم تنته بعد ولا تستحق أن يدفنها من يسمون أنفسهم أبناءها".

 وتابع المؤرخ ناصحا: "الكلمة التي تشفي هي كلمة عادلة ومتجذرة وتعرف الأرض والآلام، والصراعات والأيدي المتصلبة، والصلوات الهامسة".. "فكلماتك، في كثير من الأحيان، تبدو وكأنها لم تعد تتحدث عنا، بل فقط عن الأفكار التي لديك عنا".

 وقال بلقاضي أيضا: "نحن لا نريد الجزائر مكمّمة، ولا نريدها أيضا محتقرة، مقتصرة على أسوأ عيوبها وكأنها الحقيقة الوحيدة فيها"، موضحا أن "هذه البلاد لها ظلامها، ولكن لديها أيضا أضواؤها الجميلة.. ولديها أيضا حراس، وبناؤون، وفنانون مرموقون، وعدد لا يحصى من المهندسين، وأطباء لا حصر لهم، وشعراء صامتون".

وخاطب المؤرخ في ختام نصه "أولئك الذين لم يعودوا يؤمنون، وأولئك الذين تركوا السفينة وهم يقسمون بأنها ستغرق: ما دام هناك رجل واحد أو امرأة واحدة يؤمنون، ويبنون، وينقلون، فإن الجزائر لن تُهزم أبدًا، وستظل موجودة دائمًا".

 للإشارة أوقف الكاتب بوعلام صنصال يوم 16 نوفمبر 2024 ووجهت له عدة تهم من بينها المساس بالوحدة الترابية، وتلقى مساندة اليمين المتطرف الفرنسي وأججت قضيته الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر وفرنسا. وأدين يوم الخميس 27 مارس بحكم 5 سنوات حبسا نافذا من قبل محكمة الدار البيضاء.

 وتطرق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لقضيته، وشكلت أحد محاور المكالمة الهاتفية يوم 31 مارس الماضي بين الرئيسين، وتنتظر فرنسا صدور عفو لصالح بوعلام صنصال.

Placeholder إعــــلانات
Placeholder إعــــلانات

التواصل الاجتماعي

Fermer
Fermer