بدأ بالفعل مجلس الحكومة، على مستوى الوزارة الأولى، في أول اجتماع له تحت رئاسة الوزير الأول.. بدأ بطحن الريح! الاجتماع قيل إنه خصص لدراسة منهجية إعداد مخطط لتطبيق برنامج رئيس الجمهورية! وطبعا فإن هذا ”المخطط” سيعرض على البرلمان لمناقشته وإقراره وربما تغييره! والجدية الحكومية في تطبيق برنامج الرئيس تبدأ من هذه النقطة!برنامج الرئيس الذي دخل به انتخابات رئاسية شاركت فيها الأحزاب التي لها الأغلبية في البرلمان بمرشحين منافسين للرئيس ولبرنامجه وهُزمت وانتصر عليهم الرئيس ببرنامجه، وهو اليوم يعود ببرنامجه عبر الحكومة إلى البرلمان الذي فيه نواب هذه الأحزاب المهزومة كي تعطي الشرعية للحكومة في سعيها لتطبيق برنامج الرئيس؟! هل هناك عبثية سياسية ودستورية أكثر من هذه العبثية!رئيس يحوز على أحدث تفويض شعبي لبرنامجه، يُخضع برنامجه إلى موافقة الأحزاب التي رفضها الشعب في الانتخابات وهزمها الرئيس ببرنامجه، وبعد ذلك يقال إن ذلك يعبر عن إرادة الشعب! والأحزاب التي هُزمت لا تستحي وتقوم بالموافقة على برنامج الرئيس عبر نوابها بنفس الوجوه السياسية وبلا حياء! وتسمي نفسها أحزابا ونوابا وتحترم السياسة والقانون والدستور والشعب؟! ألم يكن من الأفضل للرئيس (المنتخب) حل هذا البرلمان والتشريع بمراسيم احتراما لإرادة الشعب الانتخابية، خاصة وأن الدستور يسمح له بذلك؟! ألا يعتبر إخضاع إرادة الشعب الجديدة التي منحها للرئيس لإرادة قديمة في البرلمان ألغاها الشعب بالانتخابات، هو في النهاية اعتداء على الدستور الذي يكرس احترام إرادة الشعب المعبر عنها بالانتخابات؟!أين المجلس الدستوري من هذه القضية والحكومة تخضع إرادة الشعب الحديثة لإرادة ملغاة بالانتخابات؟! أم أن المجلس الدستوري لا ينظر في هذه المسائل وفي دستوريتها وينظر فقط في (بصم نتائج الانتخابات) أين الخبراء الذين كلفوا بإعادة النظر في الدستور؟! لماذا لا يرون مثل هذه الأمور غير الدستورية؟ والمضحك في الموضوع أن هؤلاء (الخبراء) في القانون الدستوري أخرجوا للناس نصا توجيهيا لإصلاح الدستور فيه 7 انشغالات، بينها انشغال (دعم مبدأ المساواة بين المواطنين)! وقالوا إن تقييد مبدأ الحصانة في البرلمان بالعمل في البرلمان فقط عمل من صميم المساواة بين المواطنين أمام القضاء، وهو بالفعل كذلك، لكن الأهم منه في المساواة بين المواطنين أمام القضاء هو إلغاء حكاية الامتياز القضائي للوزراء والمسؤولين الكبار.. هذه هي المساواة! فضلا أيضا عن إلغاء حكاية صندوق المعاشات لإطارات الدولة.. هذا الصندوق الذي يعتبر غير دستوري ويكرس عدم المساواة بين المواطن العادي والمواطن المسؤول في التقاعد؟! أيضا إلغاء الامتيازات التي تعطى للوزراء والمسؤولين السامين على مستوى الأجور، وفيها خرق للمساواة بين المواطنين.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات