إصلاحات القرون الوسطى ووزارة العصر الجليدي؟!

+ -

 إن القول بأن الإصلاحات قد عادت بالتربية إلى القرون الوسطى له إحدى دلالتين:الأولى: إن ممثلي وزارة التربية هم أنفسهم الذين كانوا يطبلون لهذه الإصلاحات ويزمرون لها، لأنهم من بقايا مطبقي الإصلاحات الأصليين، لم يأت بهم بابا أحمد ولا بن غبريط، فأحدهما تشهد عليه كتاباته في جريدة “الوطن” في عهد الذين ينتقدهم الآن... والآخر استقدمه بن بوزيد من على رأس إحدى النقابات التي ينتقدها اليوم... فمتى نتحول من ثقافة البناء على الأنقاض إلى ثقافة البناء على البناء؟الثانية: إن القرون الوسطى لم تكن للغرب كما هي للشرق، فهل خلفية هؤلاء المتحدثين، حتى لا أقول هويتهم، شرقية أم غربية.. ولماذا التدليس، أليس الوضوح أفضل...؟لا خلاف في أن المجتمع بحاجة إلى بناء علاقات عمل جديدة في كل المجالات ومن بينها علاقات وزارة التربية بالنقابات، تنبني على الصدق والشفافية واحترام القانون والتجرد من الذاتية مقابل الشعور بالمسؤولية.. ما شد انتباهي هنا استغراب ممثل وزارة التربية من مسلك نقابة الإنباف، حين لم يوقفوا الإضراب في سبتمبر وأوقفوه في ديسمبر لنفس المبررات، على حد قوله... فهل اللوم عليهم حين أوقفوا، أم حين لم يوقفوا.. أليس هذا مجرد استفزاز وإثارة للنعرة لا فائدة منه، أم أن المتحدث نسي أنه إطار يمثل الدولة وتذكر سابق عهده بغريمه على رأس نقابة الإنباف... أين هذا من دعوته إلى إعادة بناء علاقات العمل، هذا هو حالنا حين تختلط علينا الاتجاهات...قد يتفق أو يختلف على دور المديرية العامة للوظيفة العمومية كهيئة تقنية لم تحضر هذا الحوار ولا جدوى لإقحامها فيه... غير أنها تمثل نوعا من الرقابة على التشريع وعلى أداء الإدارة في هذا الجانب، ووصف إطاراتها بقليلي الكفاءة يبدو متحاملا، فلو لم تكن إلا الكفاءة التي تكتسب بالممارسة لكان لإطاراتها منها نصيب... وإن كانت الكفاءة عند منتقديها فمن أين أكسبوها، فلا أقل من أن يكون المنتقِد والمنتقَد سواء...ولعل هذا التحامل في نظري يرجع إلى:أن المنتقِد والمنتقَد لا يتكلمان لغة واحدة ولا يتقاسمان السياق ذاته، انطلاقا من الطبيعة التي يصدر كل منها عنها...أو أن فكرة استبعاد مؤسسات الرقابة والمتابعة وتقزيمها تحمل في طياتها بذرة التمرد واللاقانون التي أنتجت الثورات العربية المعاصرة، وهو ما ينسجم تماما مع الأوضاع السائدة... مسلك يقتضي التأمل. عندما يصف ممثل الدولة (وزارة التربية) القانون بالكارثة، ذلك يعني أن ما قبله ليس بالكارثة، إلا إذا كان المتحدث لا يدرك معنى وصف الكارثة الذي لا يكون إلا بالنظر إلى ما قبله... إذا كان الأمر كذلك فما على وزارة التربية إلا أن تعود إلى وضع ما قبل الكارثة وتريح نفسها والناس من هذا الجدل المستمر...أم أنه هو وأقرانه في وزارة التربية عاجزون عن أن يضعوا أيديهم على مواطن الخلل ويعالجوها، بدلا عن هذا التعميم المبتذل الذي لا ينطق عن حنكة أو كفاءة.  أما إذا كان ممثل وزارة التربية مقتنعا بهذه الكارثية وهو متحدث بشكل رسمي، فهل عجز هو ومسؤولوه عن إقناع السلطات العليا بذلك، أم هو مجرد انطباع متحامل على الماضي، لم يفرق فيه المتحدث بين ذاته وصفته، وتلك أزمة أخرى... لأن ما يسميه المتحدث كارثة هو جزء من تشريع هيئات البلاد مرسوما تنفيذيا وقعه أحمد أويحيى بصفته وزيرا أول، ومهما اختلفنا معه فهو لم يعرف بإغفاله للتفاصيل، فضلا عن ذلك فإن هذا المرسوم، كغيره من المراسيم، مر على لجنة خاصة مشتركة بين الجهات المعنية، لاسيما وزارة المالية والمديرية العامة للوظيفة العمومية، على حد علمي المتواضع، وقد يمر على التحكيم إن وقع فيه خلاف، ثم يتعرض للتمحيص والتدقيق على مستوى الأمانة العامة للحكومة، فإذا كان كل هذا لا ينتج إلا كارثة في نظر هذا المتحدث فعلى البلد السلام... ولازلت مقتنعا كما كنت أن الخلل ليس في النصوص ولكن في تطبيقها المشوه دائما.خريج منظومة القرون الوسطى / الجزائرأنا أيضا لفت انتباهي ما قاله ذلك الشخص في التلفزيون باسم وزارة التربية، وخاصة حين قال: إن انشغالات المقتصدين حولتها الوزيرة في سبتمبر إلى الحكومة وانتظرت الإجابة التي جاءتها بعد 3 أشهر وزيادة من الإضراب! فإذا كانت رسالة الوزير إلى الوزير الأول تبقى 3 أشهر، فلكم أن تتصوروا كارثة تسيير البلاد بهذه العقلية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات