سعداني قال: “إن السعودية وأمريكا تقودان مؤامرة ضد الجزائر بخصوص أسعار النفط”ǃ والهدف، حسب سعداني، هو تركيع الجزائرǃ لو كان مثل هذا الكلام مسؤولا وصادرا عن مسؤول حزبي يتحكم في أغلبية برلمانية وحزبه يحكم باسم الأغلبية وباسم الرئيس.. لو كان ذلك حاصلا لتم استدعاء السفير السعودي والسفير الأمريكي وممارسة السيادة.. لأن تركيع الجزائر يعد عملا عدوانيا ينبغي أن يجابه بما ينبغي أن يجابه به في الأعراف الدبلوماسية، لكن في الجزائر يمكن أن تقول أي شيء ولا تتحمل المسؤولية عما تقول حتى لو كنت مسؤولا.السعودية تصرح علنا بأنها لن تخفض إنتاجها لإعادة تنظيم السوقǃ فهل السعودية تفعل ذلك ضد مصالحها؟ لا أعتقد ذلك، فالسعودية قد تكون حصلت على تعويضات بطريقة أخرى قد لا نعرفها، ولذلك لا تريد خفض إنتاجها.. حتى ولو أن نظرية السعودية المعروفة هي أنها دائما تقول: إنها مسؤولة عن ضمان تزويد الاقتصاد العالمي بالدم الذي هو البترول.السعودية فعلت الأمر نفسه سنة 1999، عندما رفضت تخفيض إنتاجها، وعمدت إلى إنتاج حصة العراق التي توقفت بفعل الحرب، وأضرت بمنتجي البترول عندما تهاوت الأسعار آنذاك إلى أقل من 5 دولارات سنة 1999.أتذكر أن رئيس الحكومة الجزائرية آنذاك، إسماعيل حمداني، قام بدعوتي إلى مكتبه في رئاسة الحكومة، وقال لي ساخطا “إن السعودية تبيع البترول تحت الطاولة بأقل من 5 دولارات في شرق آسيا.. وما تخسره من تدني السعر تربحه في انتعاش استثماراتها في مصانع بشرق آسيا، لأنها تملك أسهما هناك.. ونحن ندفع ثمن هذا التدني الخطير لأننا لا نملك سوى عائدات البترول في الأسواق”.وطلب مني حمداني بأن أقوم بواجبي الوطني في فضح هذه الممارسات السعودية، قائلا لي: “أنا أعرف حجم تأثير ما تكتبه على العرب”، ورفع سماعة الهاتف وطلب مدير عام سوناطراك عبد المجيد عطار.. وقال له: سيأتيك سعد، فاعطه الملف الخاص بممارسات السعودية في منظمة الأوبيك.. وبالفعل عقدت جلسة مع عطار بحضور الزميل حربي، مستشاره الإعلامي، ودامت قرابة 3 ساعات، وضعني في صورة ما تفعله السعودية بالجزائر في ملف البترول.وقمت فعلا بواجبي الوطني وكتبت عدة مقالات في الموضوع، كان أكثرها إثارة هو المقال الذي قلت فيه “إن أهل السعودية قال فيهم خالق السماوات: “وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما..” ǃ فعلوا هذا مع الرسول (ص)، وهذا كلام الله وشهادة خالق السماوات بشأنهم.. فكيف لا يفعلون ذلك مع أعضاء الأوبيك ومنهم الجزائر؟ǃ فالتجارة واللهو موجودان في شرق آسيا، فلا عجب إن اتجه إليهما السعوديون وتركوا أمثال الجزائر راكعة وليس واقفةǃومثلما تصور وتوقع رئيس الحكومة حمداني، فقد جاءني الرد من الرياض، عبر السفارة السعودية في الجزائر، وكان ردا باهتا، كان العذر فيه أسوأ من الذنب.. فقالوا في الرد: “إن من تركوا الرسول قائما وذهبوا إلى اللهو والتجارة ليس شعب السعودية بل هم الصحابة”ǃوقد نشرت الرد في حينه دون تعليق.. ولكن بعد ثلاثة أيام اجتمع وزير البترول السعودي مع وزير البترول الفنزويلي والجزائري، يوسف يوسفي، في سفارة الجزائر في لاهاي، وخرج وزير البترول السعودي وصرح من باب السفارة بأن السعودية قررت تخفيض إنتاجها بـمليون برميل.. ومنذ ذلك الحين بدأت الأسعار في الارتفاع إلى اليوم.والسؤال المطروح اليوم: هل الجزائر لم يعد لها الآن ما تضغط به على السعودية، حتى بات سعداني يقول ما يقول دون تأثير؟ǃعندما يقول الرئيس بوتفليقة إن السيسي هو أحسن رئيس لمصر في السنوات الأخيرة، فذاك يعني أن الجزائر فقدت صلاحية حكامها لإدارة البلد بجديةǃ[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات