القلق العام الذي يعصف بالشارع الجزائري يجد تبريره في عدم ارتياح المواطن إلى مؤسسات حكمه أو الأحزاب السياسية التي يستند عليها أو إليها هذا الحكم. هل يعقل أن المواطن يرتاح إلى حزب في الحكم ورجاله يركضون وراء بعضهم البعض بالهراوات في شوارع العاصمة؟ ! وهل يعقل أن يرتاح المواطن لوزراء في حكومة كل أنشطتها المعلنة هي تنمية تشغيل الرداءة وتطوير الفساد ؟!عندما نرى المواطن يعبر عن قلقه حيال مستقبله وحاضره بواسطة قذف الحجارة على المؤسسات العمومية ورجال الأمن، وحرق ما تيسر له حرقه من المؤسسات، وجرح ما تيسر جرحه من أعوان الشرطة، فذاك يعني أن الأمر يتعلق ببلوغ القلق مداه.حرق العجلات المطاطية في الشوارع ونصب المتاريس وقطع الطرق العمومية كلها مظاهر تعبر عن غل وغليل يشعر به المواطن إزاء سلطات بلاده؟!لا يوجد مسؤول في الحكومة أو الرئاسة أو البرلمان أو الأحزاب يمكن أن يرتاح له المواطن ويحس بالأمان في ظل وجوده في الحكم، ليطمئن المواطن من خلال وجود هذا المسؤول على المستقبل وعلى الحاضر.هذه الظواهر المتصلة بالقلق العام لها علاقة وطيدة بمسألة الشرعية في تولي المسؤوليات.. ومن هذه الزاوية، فإن الشرعية لم تعد مسألة شرف سياسي يمكن الاستغناء عنها في تسيير البلاد... بل الشرعية بهذا المعنى... معنى إشاعة الاطمئنان إلى المسؤول في الحكم من طرف المواطن، أصبحت مسألة حيوية في إشاعة الاستقرار والأمان، وهي المقدمات الضرورية لبناء أي عمل جدي في التنمية.عندما يشعر المواطن بأن الرئيس يسهر على أمنه وراحته ومصالحه، يجنح المواطن إلى الهدوء والسكينة... وعندما يشعر المواطن بأن الرئيس لا يفعل شيئا لضمان الأمن والاستقرار للمواطن، يتصاعد القلق وتكبر التخوفات ويسارع الوطن للبحث عن البديل الذي يضمن له الأمن والأمان!ماذا تنتظرون من مواطنين يقرأون كل يوم عن عمليات إحراق مقرات البلديات والولايات وقتل رؤساء البلديات الذين قيل إن الشعب انتخبهم؟! وماذا تنتظرون من عمال في التربية وغير التربية يسعون إلى انتزاع حقوقهم بالتظاهر والإضرابات المتواصلة، وفي بعض الأحيان التصادم مع هراوات الوزارة عبر الشرطة المجندة لهذه المهمة؟لماذا نلوم المواطن عندما يتوتر ويقلق ويعبر عن توتره وقلقه بالعنف أحيانا، وهو يسمع بأن حكومة بلاده تتهمها معارضة بلاده بالعمالة للخارج وبيع البلاد للخارج في صورة تبديد المال العام في صفقات مشبوهة، مثل التي تمت مؤخرا في باريس ولندن وخارج إرادة الشعب (البرلمان)، حتى ولو كان هذا البرلمان شكليا؟! ولماذا لا يتوتر المواطن وهو يسمع أن الأحزاب الحاكمة ووزراء حكومة تشغيل الرداءة والفساد تتهم المعارضة بالعمالة للخارج من خلال الحديث عن الاتصال بالاتحاد الأوروبي؟!ألا يحق للمواطن أن يتوتر وهو يرى ويحس بهذا التراشق بين الحكومة والمعارضة بتهم العمالة للخارج؟! ومع انخفاض أسعار البترول، فإن القلق العام على المستقبل والحاضر يصبح حالة عاصفة بالمواطن، وهو يرى سحب المستقبل المظلم تلبّد سماء الأسعار والأجور بصورة سريعة جدا.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات