هل نسي الجزائريون الذين يتواجدون في ركح السلطة أن حكاية عدم التدخل في الشأن الداخلي للدول أصبحت في خبر كان منذ ربع قرن تقريبا؟ وأن من أهم مظاهر العولمة إلغاء الحدود، في مسألة التدخل لحماية حقوق الإنسان والديمقراطية والحريات والأقليات تأتي في قلب التدخل الديمقراطي الغربي في شؤون الدول غير الديمقراطية.العراق هدّمت باسم بناء الديمقراطية ضد ديكتاتورية صدام، وأفغانستان هدّمت على رؤوس طالبان غير الديمقراطية في نظر الغرب، وليبيا هدّمت على رأس القذافي للسبب نفسه، وتهدّم الآن سوريا، وتثار قلاقل في مصر باسم الديمقراطية أيضا.الاتحاد الأوروبي عقد شراكة مع الجزائر منذ سنوات، ومن أهم بنوده التدخل في الشأن الجزائري بخصوص مراقبة حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية، فإذن، لماذا تتحسس السلطة من إيفاد هذا الاتحاد لوفد أوروبي لمراقبة حالة الغليان التي تعيشها البلاد بعد إقدام النظام على وضع رأسه على كرسي متحرّك؟ماذا ينتظر النظام من شريكه الأساسي في الاتحاد الأوروبي وهو يشاهد نظاما يطرح مبادرات تعديل الدستور لدعم الجانب الديمقراطي المتفق عليه في عقد الاتحاد الأوروبي؟ يطرح النظام هذا التعديل الدستوري على الحوار أكثر من مرّة، ويفشل في إنجاز مسوّدة الدستور الذي يسعى إلى تغييره؟ وماذا ينتظر النظام من الاتحاد الأوروبي وهو يرى المعارضة تطرح على النظام حلا سياسيا متفقا عليه ويرفض ولا يقدم النظام البديل، بل ويفشل في فتح الحوار حتى مع المعارضة؟الاتحاد الأوروبي تدخّل فعلا عندما شاهد النظام يفشل في عملية خلافة نفسه كما كان يحدث من قبل، وشهد النظام يفشل حتى فيما كان بارعا فيه وهو تشتيت المعارضة.فعندما يصبح جزء من النظام يتظاهر ضد النظام في رمز النظام (الرئاسة) و(حكاية انتفاضة الشرطة) لابد للاتحاد الأوروبي أن يعلن الاستنفار، لأن الأمر يتعلق بإرهاصات قلاقل يمكن أن تهدد أمن واستقرار الاتحاد الأوروبي في العمق.تحرك الاتحاد الأوروبي ليس ترفا سياسيا، إنه ضرورة أمنية حيوية، فمن لا يستطيع التحكم في معالجة (زبالة بيته) لا يلوم الجيران إذا انزعجوا من الروائح الكريهة التي تنبعث من البيت القذر.الوطنية الحقّة ليست في حماية الفساد وسوء تسيير البلاد من التدخل الأجنبي، بل الوطنية الحقّة هي أن تبني الداخل الوطني بما لا يسمح للخارج بحشر أنفه في الشأن الداخلي، فالكارثة هي أن يوصل النظام البلد لأن يصبح التدخل الخارجي “عملا وطنيا”.النظام الآن أصبح عاجزا حتى عن إقناع نفسه بجدوى وجود رجاله، وهم على ما هم عليه من رداءة وقلة حيلة. فعندما يصبح النظام يسير على أربعة، وصوته السياسي نوارة جعفر وسعداني وعمارة بن يونس وغول، فلابد أن ننتظر تحرك جيراننا لمعالجة وضعنا البائس، ولكن نحن نخاف أن لا يجد الاتحاد الأوروبي من يفهِمه ما يقع في البلاد؟[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات