في الخمسينيات من القرن الماضي أجرى المرحوم الجراح تيجاني هدام عملية دقيقة على رقبة الرئيس التونسي الحبيب بورڤيبة.وقتها قال بورڤيبة بعد العملية الجراحية الناجحة لهدام: “أنت لست هدّاما أنت بنّاء”ǃ وأتمنى أن تغيّر اسمكǃ وقد ذكر بورڤيبة هذا في مذكراته.بعدها بسنوات استقلت الجزائر وعين هدام وزيرا للصحة في الجزائر المستقلة. معنى هذا الكلام أن الثورة الجزائرية والدولة الجزائرية المستقلة كانت تعطي المسؤولية في الوزارات لأهل الاختصاص.كانت جامعة الجزائر في الستينيات من القرن الماضي الأولى على المستوى العربي والإفريقي، وخاصة في اختصاص الطب.. وكان التوانسة يشدّون الرحال إلى الجزائر لدراسة الطب بمواصفات دراسة الطب في فرنسا وبريطانيا.لكن اليوم أصبح الجزائريون يشدّون الرحال إلى تونس للمعالجة حتى من الأمراض البسيطة، فما بالك بالأمراض الخطيرة.. والسبب لأن جامعة الجزائر التي كان على رأسها أمثال مالك بن نبي وتوري، أصبح على رأسها الأميونǃ ووزارة الصحة انتقلت قيادتها من أمثال تيجاني هدام وعمر بوجلاب إلى من تعرفون من النماذج البشرية التي لا علاقة لها بالصحة. حتى أن الجزائريين أطلقوا نكتة على سفير الجزائر في باريس نظم زيارة الرئيس الشاذلي لفرنسا.. وقالت له مدام الشاذلي عند انتهاء الزيارة وهي تودع باريس مع زوجها الرئيس الشاذلي “يعطيك الصحة”، فسمع الرئيس ما قالته زوجته للسفير.. وبمجرد عودته أجرى تعديلا وزاريا وأعطى سفير الجزائر في فرنسا وزارة الصحةǃ وهو لا علاقة له بالصحة؟ǃبالأمس فقط تفرجت على إحدى القنوات التي تنافس “اليتيمة” إعلاميا، فرأيت ومضة إشهارية تتحدث عن الخدمات الخارقة للعادة التي تقدمها مصحة تونسية مختصة في شفط الدهون.. وتدعو الومضة الجزائريين إلى الاستفادة من خدمات هذه المصحةǃالتوانسة يعملون ويكدون في بناء مؤسسات تحارب السمنة، والجزائريون يأكلون ريع البترول وينامون لذلك يحتاجون إلى تعب التوانسة لإزالة دهونهم؟ǃإنها صورة تعكس فعلا بؤس إدارة هذا البلد في جميع المناحي والمجالات.نعم لا فائدة من تغيير الرئيس برئيس آخر غير مقعد، لأن النظام السياسي برمته أصبح مقعدا وينبغي تقاعده أو إقعاده.. فالمطلوب هو تغيير طرائق وأساليب إسناد المسؤوليات في مؤسسات الدولة من الرئاسة إلى بواب البلدية، هذا هو التغيير الذي نريده ولا نريد تغيير رئيس مقعد في نظام مقعد أكثر منه، والإتيان برئيس آخر يواصل هذه الكوارث التي تسير بها دواليب الدولة... هذا هو المطلوب وغيره مجرد شكليات[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات