+ -

 عندما يدخل الزائر سفارة من سفارات الدول الغربية في العالم العربي والإسلامي يشعر بالهلع، وكأنه يدخل إلى محتشد غوانتانامو سيئ السمعة أو يلج أكثر السجون الأمريكية الإجرامية تحصينا لكثرة الأصفاد والتسلح ووسائل الكشف والتحري.. !متى تصل البشرية في علاقات شعوبها ودولها ببعضها البعض إلى حالة من الأمن والأمان تجعل السفارات ومصالح القنصليات مثل الكنائس والمساجد مفتوحة للجميع ودون أصفاد؟! ولا إجراءات أمنية؟العلاقات بين الدول والشعوب تزداد تدهورا سنة بعد أخرى... فحتى في عهد الاستعمار والثورات على الاستعمار لم تكن العداوة بين الشعوب بمثل هذه الصور البشعة.البعثات الدبلوماسية الغربية في البلدان العربية والإسلامية أصبحت عبارة عن سجون عالية الحراسة بالأصفاد والحديد المسلح ووسائل الكشف والإنذار المبكر... وأصبحت مقرات هذه البعثات الدبلوماسية عبارة عن سجون للدبلوماسيين عالية الحراسة... ولا مجال لهذه البعثات لكي تتفاعل مع شعب البلد الذي تقيم فيه هذه البعثات!وربما هذا هو السبب الذي جعل هذه البعثات لا تستطيع أن تنفذ إلى نبض الشعب ونقل الواقع إلى بلدانها، وتنقل الواقع المشوه عبر أناس باستطاعتهم القبول بأن يلجوا هذه السجون المحصنة لمقابلة الدبلوماسيين! فمن له حساسية عالية للحرية وكره السجون لا يستطيع أن يدخل هذه السجون الدبلوماسية.لا أستطيع أن أتصور بأن السفارة الأمريكية في الجزائر مثلا وهي على ما هي عليه من ترسانة الأصفاد والاسمنت المسلح تعكس تصورنا في الجزائر عن أمريكا الأخرى غير أمريكا تلك التي نراها من خلال حاملات الطائرات والطوماهوك في العراق وبلاد الأفغان والوسائل الرهيبة للتدمير..؟سفارة أمريكا في الجزائر مثلا في صورتها الحالية هي صورة لغوانتانامو ولا تمثل صورة أمريكا منهاتن ودالاص وتمثال الحرية.. أمريكا البوينغ وأبولو والحاسوب والنقال. وما يقال عن أمريكا يقال عن فرنسا وبريطانيا وغيرهما من الدول الغربية!يبدو أنه حان الوقت كي تبحث البشرية عن نظام دولي جديد بديل للأمم المتحدة الحالية التي جعلت أو فشلت في إفشاء السلم والأمن والتعاون بين أبناء البشرية. الحرية لا تشاع في العالم بتشييد سفارات حصينة تمثل غوانتانامو أكثر مما تمثل البيت الأبيض وتمثال الحرية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات