تعيين ميلود شرفي على رأس سلطة الضبط تجاوز حدود الخطأ إلى الفضيحة بكل معاني هذه الكلمة.. فالرجل طوال حياته المهنية في التلفزة لم يكن رمزا للمهنية.. واسألوا زملاءه في محطة وهران وخاصة عدناني نور الدين ومحمد مرزوق وغيرهما. فالرجل كان صحفيا رياضيا متواضعا، ولا أعتقد أن الرئيس بوتفليقة كانت له يد في تعيين شرفي.. رغم أن الوقائع في الأشهر الأخيرة تقول: إن الرئيس بوتفليقة قد أصبح أحولَ، فلا يرى من إطارات الأمة إلا جهة الغرب، ولا يسمع إلا بأذن واحدة هي أذن تلمسان.ǃ وحتى داخل جهة الغرب لا يرى الرئيس من الإطارات إلا أسوأها، فلو لم يكن الرئيس مصابا بعمى الألوان حتى داخل الحزب، لرأى شخصية مثل راشدين حبيب عوض أن يرى شرفي لتولي مسؤولية إعلامية حساسة كسلطة الضبط هذه، فراشدين مثال في الكفاءة والنزاهة ويدخل حتى في منطق الجهوية الوطنية لو كان الرئيس غير مصاب بعمى الألوان.أنا أعيب على الزملاء في الصحافة اعتبارهم تعيين ميلود شرفي خرقا للقانون.ǃ فمتى كان القانون في الجزائر محترما وخاصة في عهد بوتفليقةǃ؟ وإذا كان الرئيس نفسه عفس الدستور سنة 2008 لفائدة شخصية، وعفسه سنة 2014 أيضا لفائدة شخصية، فلماذا لا يعفس القانون ويعين ميلود شرفي؟ǃ بوتفليقة هو الدولة وهو القانون وما عداه عبارة عن أصفار مكعبة.بوتفليقة خلال حكمه 5 سنوات نجح في جعل الساحة السياسية وساحة مؤسسات الدولة تجتاحها الرداءة، إلى درجة أن الإنسان المحترم أصبح “يحشم” بانتمائه لمؤسسات الدولةǃ وها هو اليوم يتقدم إلى فعل الشيء نفسه في قطاع الإعلام من خلال تعميم الرداءة.ǃوعندما نجد أمثال مقران آيت العربي وعلي بن محمد يستقيلان من مؤسسات الدولة ويبقيان على هامش الحياة كي لا يتلوثا بسوء ورداءة الحكم ! عندما نجد ذلك فلا نتعجب من رؤية الرئيس يعين في منصب هام أمثال شرفي، ولا يجد من يكلفه بإطلاق حوار جدي حول تعديل الدستور، فبقي الرئيس أكثر من 10 سنوات وهو يحاول تغيير الدستور ولم يوفق، وهذا يدل على نوعية الكفاءات التي يعتمد عليها الرئيس.الجزائر اليوم تعيش واقعا جديدا لا يستطيع رئيس مقعد أن يراه ويسمع به كما يجب.. واقعا أصبح فيه علي جدي يصلي في مقر الأرسيدي، وأصبح فيه أويحيى يتحاور في الرئاسة مع مدني مزراڤ.. وأويحيى هو الذي قال في جيجل ذات يوم: “نحن لا نتحاور مع الإرهابيين” في رده على سؤال: لماذا لم تستمع الحكومة، التي كان يرأسها أويحيى آنذاك، إلى وجهة نظر مجموعة علي بن محمد المسماة بالمدرسة الأصيلة، في سياق إصلاح المنظومة التربوية.. قال أويحيى هذا الكلام لأنه تناهى إلى علمه بأن علي بن محمد عقد اجتماعا مع أنصار المدرسة الأصيلة في جيجل وحضر الإرهابي التائب مدني مزراڤ.. ! ولكن الأيام تدور ويتحاور أويحيى مع مدني مزراڤ ليس حول المدرسة الأصيلة، كما فعل بن محمد، بل يتحاور معه حول تعديل أو تغيير القانون الأساسي للأمة وهو الدستور؟!تعيين شرفي في هذا المنصب مؤشر قوي على إطلاق يد اللامهنية لتعبث بالإعلام، كما عبثت، من قبل، الرداءة والفساد بمؤسسات الدولة والأحزاب والسياسة والاقتصاد والثقافة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات