+ -

 الرئيس جمّد المشاورات حول الدستور التي كلّف بها أحمد أويحيى، تماما مثلما جمّد مشاورات بن صالح والسبب هو نفسه.. الرئيس لم تعجبه نتائج المشاورات الأولى والثانية، ليس لأن محتواها لا يناسب، بل لأن المشاورين لم ينجحوا في استقطاب من يريد الرئيس استقطابهم بهذه المشاورات. وقد تطور الوضع من حالة “جيبان الوقت” إلى حالة عدم الجدية، بل والعجز الرئاسي في موضوع تسيير ملف حساس مثل ملف تعديل الدستور.الآن، الرئيس يبدو أنه يبحث عن زاوية أخرى لـ«جيبان الوقت” بالناس، كأن يكلّف جهة ثالثة بإجراء هذه المشاورات، وقد تكون هذه الجهة هذه المرة ليست من الوجوه التقليدية للسلطة، بل قد تكون جهة حزبية، مثل الأفافاس مثلا. لهذا يحرص الأفافاس، من الآن، على أن يكون وسيطا بين المعارضة والسلطة لتزويد نفسه بالقابلية لتجميع الجزائريين، ولهذا أيضا نزل الوحي السياسي على قادة الأفافاس فقالوا “إن الخروج من الأزمة يكون بإجماع وطني هذه المرة”.لكن الوضع في الرئاسة الجزائرية حرج جدا بعد كميات “روح الملح” التي سكبها الرئيس، أو من يتحدث باسمه، في الرئاسة لتنظيف الواقع الرديء في هذه المؤسسة. ويتساءل الناس عن رئاسة تطرد هذا الكم الهائل من الإطارات والمسؤولين والمستشارين دون تعويضهم، وتبقى الأمور سارية، فمعنى هذا أن هؤلاء كانوا “زيادة” في الرئاسة.. لكن جهات أخرى تقول “إن الصعوبة التي يواجهها الرئيس ليس في تنحية الناس، بل في تعيين من يخلفهم، لأن الجهاز الوطني لتزكية الإطارات لتولي المسؤوليات حزب هو الآخر، ولهذا لا يوجد من يتحمل المسؤولية في اتخاذ مثل هذه القرارات”.تجول الآن في الأوساط العليمة بذات الصدور والأكتاف العالية فكرة مفادها أن الرئيس بوتفليقة قد يعمد، هذه المرة، إلى تكليف جهة في الجيش للإشراف على مشاورات جدية حول الدستور وتعميق الديمقراطية، باعتبار أن كل الناس متفقة على حيادية الجيش كمؤسسة، أو هي تطالب بحياديته. وقد يؤدي إجراء كهذا إلى جلب كل التيارات السياسية والمعارضة إلى طاولة النقاش. لكن ما يواجه هذه الفكرة هو أن مؤسسة الجيش لم تعد تتوفر على من باستطاعته القيام بهكذا مبادرة.ومن جهة أخرى، بدأ الانتهازيون في مجلس الأمة والبرلمان يساومون الرئيس على إمكانية اللجوء إليهم في عملية تعديل الدستور، فقدمت جماعة من “السيناتورات” والنواب لائحة مطالب، منها رفع الأجور والحصول على جوازات سفر دبلوماسية دائمة حتى بعد انتهاء الفترة النيابية، وقد ربطوا هذا ضمنيا بابتزاز الرئيس في موضوع الدستور مثلما حصل في 2008.الرئيس مقعد ومؤسسات الدولة خرّبها الفساد والطمع والرداءة، وكل الناس والهيئات تتحرك ضد بعضها البعض، وأحزاب الحكم غارقة في المشاكل الداخلية.. البلاد بلا أفق وبلا أمل.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات