الجزائر مثل الزواج، حلوة من بعيد، نسافر عنها فنشتاق لها، نعود لها فنمل منها ونتمنى الرحيل، تبدأ الرحلة بالأقوال الرومانسية دائما، “نحبوها” ببردها بغبارها بحرّها، نعود فنرتكب الموبقات أو نتحمّلها في أحسن الأحوال، فما أن تصل مطار الجزائر الدولي “جوازا” قادما من أي جهة كانت حتى تشعر بالفرق والقلق، يأخذك الممر إلى “كاونترات” أختام الدخول، أمامك طوابير لا تعرف بدايتها، موظفو أو موظفات الجوازات ثلاثة أو أربعة في عز المواسم.. لا اعتراض لدي، لكن اعتراضي على إزعاج مهندسي الديكور والنجارين وتبذير المال العام مادمنا لن نستخدم كل هذه الكاونترات، مع دقة الختم على الجواز يدق شيء آخر في قلبك، كأن هاجسا يقول لك: أهلا وسهلا بك على أرض الواقع، تأخذ حقائبك بعد معارك صغيرة لابد منها، تصل للإخوة الأحباء في الجمارك، يتسامرون ويتناقشون ربما عن أحقيتهم في العلاوات والبدلات متحلقين حول أكواب القهوة والسجائر بجانب “بلاكة” ممنوع التدخين أكبر من حقائبنا، تخرج سالما إلى واقع شوارع البلد، فتشم رائحة الجزائر الممزوجة بـ”الثوم والبصل”، تنتظرك ثلاث ساعات للحصول على سيارة من سيارات الأجرة، لتكشف لك بسرعة عن قدرة الحسم لدى الحكومة، تركب إحداها ليصدم ذوقك لون الشوارع، ويجعلك بعد كل ما سبق تفرك عينيك لتتأكد بأنك في مطار الدار البيضاء وليس في حي “نواقشوط” العريق، تتصفح الجريدة بالسيارة. غادرت البلاد والحكومة “دايخة” كعادتها في عملية تنظيم نفسها، عدت فوجدت الحكومة محتارة في التعامل مع نتائج الاستجابة السريعة لدعوات “الشياتة”، تطالع صفحة الرياضة بقصد الترفيه والتغيير يعني، حتى هنا، لا سطيف فاق ولا المولودية استفاق ولن أتكلم عن الشبيبة فالفضيحة لحقت إلى الكويت.. سأصمت الآن.وليد من الكويتيا وليد ما قلته يوجد أسوأ منه لم تره، فقد يستقبلك شرطي أو رجل جمارك وقد انتفخ شاربه العلوي برفعة شمةǃ وقد تجد من يقول لك “جبت الشيكولاطة بزاف.. أعطيني معاك”ǃلكن مع ذلك فالجزائر أجمل من الكويت ولا وجه للمقارنة.. فلا تستطيع أن تقارن حبات دڤلة نور الطولڤية مع أي تمر في خليج العربي، فالفرق بينهما كالفرق بين الذهب والزنكǃحلي الفضة القبائلية ما أحلاها على صدر أي جميلة من جميلات الجزائر وغير الجزائرǃ وما أجمل عين الشمس وهي تنام في أحضان جبال الهوڤار.ǃ وما أحلى “تمريغه” في رمال واد سوف ويد النسيم تلعب بها كيد حرة شاوية تداعب ڤصعة الكسكسǃ وما أحلى شربة من ينبوع تلمسانǃ أو غطسة في مياه شاطئ من شواطئ جيجل العذراءǃ ستكون الجزائر جميلة من المطار إلى هذه المواقع عندما تتولى أمرها حكومة أعضاؤها من النوع الذي يحتاج إلى إعادة تأهيل بشري ليصبحوا من النوع الذي يكتب عنهم قلم الشعب قبل الإله.يا وليد الجمال أيضا مصدره الفوضى هكذا قالت لوحات بيكاسوǃوالمواطن في الغرب المتقدم أتعبه النظام ولذلك يأتي عندنا الغربيون للاستمتاع بالفوضى كسيّاح.. لأن الفوضى عملة نادرة في بلدانهم كما التخلّف، فالفوضى عندنا ثروة مهملة أيضا.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات