قتل اللاعب إيبوسي الكاميرون في تيزي وزو من طرف أحد أنصار الفريق هو نتيجة لسياسة عرجاء عرفتها الكرة الجزائرية منذ عشرات السنين وليس الآن.بدأت الحكاية عندما أصبحت ملاعب كرة القدم منابر للتنفيس السياسي للشباب ابتداء من أواسط الثمانينات.. فبدأنا نسمع صياح الشباب في الملاعب ”لا نريد الفلفل لكحل.. نريد الرئيس الفحل.ǃ” وكان الفلفل الأكحل وقتها مفقودا في الأسواق.وتطورات الأمور في التسعينيات فأصبحت الملاعب مناسبات شتم النظام ورجال النظام.. وعوض أن يعمد النظام إلى معالجة هذا الانحراف بالرياضة، راح يمارس العقاب الجماعي للسكان والشباب بمنع اللعب في الملاعب الكبيرة.. ونقل مباريات الفريق الوطني إلى وهران والبليدة وعنابة عقابا لتحويل شباب بالعاصمة ملعب 5 جويلية إلى ساحة لممارسة السياسة.العنف في السياسة انتقل إلى الكرة عندما وظفت الكرة في السياسة بطريقة بائسة وبليدة. والأمر ليس جديدا، فالجزائريون (بعض الجزائريين) مع الأسف لهم مواقف خاصة من اللاعبين الأفارقة، وحتى بعض قادة ونجوم الكرة لهم مواقف مؤسفة من الأفارقة جنوب الصحراء.ǃأتذكر أنه في أواسط الثمانينات أدلى اللاعب الدولي ماجر بتصريح مؤسف له طابع عنصري ضد الأفارقة، إثر الانتصار على ألمانيا واللعب مع فريق إفريقي في السينغال.. فقال نحن في الجزائر أكبر من اللعب مع الأفارقة.ǃ وأثار تصريحه ضجة في السينغال.. وكتبت صحيفة (لوصولاي) السينغالية تنتقد تصريحات ماجر العنصرية ضد الأفارقة.. وأردنا في جريدة ”الشعب” أن نصحح الأمر، فقام رئيس القسم الرياضي بالجريدة، الزميل مسعود قادري، بدعوة ماجر إلى الجريدة.. وأخذ منه تصريحا يصحح خطأه العنصري.. ولكنه لم يكن آنذاك ناضجا بما فيه الكفاية، فقام بتأكيد ما قاله من تصريحات عنصرية.. وعندما قال لي مسعود قاري هذا الكلام رفضت استقباله في رئاسة التحرير.ǃلا يمكن أن نجزم بأن قتل اللاعب الكاميروني في تيزي وزو كان بخلفية عنصرية، بدليل أن اللاعب جلب اللقب للفريق، وهذا ما يبعد صفة العنصرية في الجريمة.. لكن مستوى التربية للاعبين الجزائريين ومستوى التكوين للمسؤولين عن الفرق، ومستوى التعامل مع الأنصار، هو الذي جعل مثل هذه الظواهر العنيفة تظهر بهذا الشكل البائس.لا يمكن أن نعتبر ما حدث في تيزي وزو حدثا عارضا.. قد يكون كذلك، لكن لابد من تحويله إلى مناسبة لإصلاح مسألة الرياضة والعنف في الملاعب بصورة جذرية، وليس مجرد بريكولاج كما كان وما يزال حاصلا.. فإغلاق الملاعب ومعاقبة الفريق وتحويل الملف إلى الشرطة ليست حلولا جذرية لقضية بهذه الخطورة[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات