سيدي أنا من قرائك الذين يثقون بآرائك الجريئة وقوة أسلوبك في تقريب الواقع لكل شرائح المجتمع، لهذا أود أن أعرف رأيك في موضوع تاريخي متشعب ما يزال يخلق أزمة وفتنة في مغربنا العربي الكبير. لقد اطلعت على جوانب من هذا الموضوع فأصبحت الأفكار تدور في رأسي كإعصار.هل صحيح حكومة فرنسا عرضت على المغرب قبل الاستقلال التفاوض معها من أجل أخذ المغرب لتندوف وبشار؟ والمغرب رفض ذلك معتبرا الأمر خيانة للجزائر وهي تكافح. وهل الجزائر وعدت المغرب بحل المشكلة بعد الاستقلال ثم أخلفت وعدها؟ هل صحيح أن الشعب الجزائري ناكر للجميل؟ وهل صحيح أن الجزائر تدعم البوليساريو وتنفق الملايير من مال الشعب الجزائري من أجل إضعاف المغرب؟ هل الجزائر ظالمة لأشقائها المغاربة؟ ما هو الصحيح وما هو الخطأ في هذه القضية؟^ لينا رفيف. طالبةيا بنيتي بلدك الجزائر ليس ظالما في هذه المسألة بل مظلوما، وأذكر لك بعض الحقائق قد تساعدك على الفهم الصحيح لهذه المسألة:أولا: الجزائر ربطت قضيتها الوطنية، قضية الاستقلال بمنطقة شمال إفريقيا كلها، ولهذا أسس مصالي الحاج حزب نجم شمال إفريقيا سنة 1928 في فرنسا، وكان يطرح استقلال المنطقة كلها. الجزائر المحتلة وتونس والمغرب تحت الحماية. ولكن التوانسة والمغاربة فضلوا طرح قضيتهم خارج قضية الجزائر، معتبرين قضية الجزائر شائكة ولا يمكن ربطها بقضية تونس والمغرب، وفضلوا التفاوض مع فرنسا على تحويل الحماية إلى استقلال ذاتي وتمت التضحية بقضية الجزائر. هذه أول خيانة للجزائر.ثانيا: المغرب لم يطالب فرنسا أبدا بتندوف وبشار عند استقلاله في 1956، ولكنه طالب بموريتانيا التي استقلت سنة 1960 وقال إنها قطعة من المغرب. أي أن المغرب يهوى أخذ أراضي غيره عندما يسترجعها من الاستعمار. فعل هذا مع موريتانيا وحاول أن يفعل ذلك مع الجزائر سنة 1962 بخصوص بشار وتندوف، وحاول بعد ذلك الشيء نفسه مع الصحراء الغربية. الناس يحررون أراضيهم والمغرب يطالب بالسيادة عليها؟ هل هذا منطق؟ثالثا: المغرب ادّعى أيضا أن فرحات عباس ومحمد بوضياف وافقا على تسليم تندوف وبشار للمغرب بعد الاستقلال، وهذا غير صحيح، لأن هذه المسألة لم تطرح في قيادة الثورة التي كانت تدار بصورة جماعية ولا يمكن لأي كان أن يتفق مع المغرب تحت الطاولة، وخاصة عباس وبوضياف. زيادة على ذلك، فإن فرنسا كانت في 1956 تعد المنشآت في منطقة بشار وأدرار (رڤان) للتجارب النووية، فكيف تتفق مع فرنسا لتسليمها للمغرب؟رابعا: البوليساريو ليس صناعة جزائرية، فقد ثار شعب الصحراء الغربية في 1973 ضد الاحتلال الاسباني لبلدهم والمغرب كان ينسق مع اسبانيا ضد هذه الثورة، وعندما سلمت اسبانيا باستقلال الصحراء الغربية عمد المغرب إلى احتلالها بالتنسيق مع الأسبان في ما عرف بـ”المسيرة الخضراء”. ولو كانت الصحراء الغربية مغربية، لدعّم المغرب ثورة شعبها ضد الأسبان، ولو كانت مغربية لما قام المغرب بتقسيمها لاحقا مع موريتانيا وعرض على الجزائر أيضا أخذ قطعة، ولكنها رفضت. فالمغرب يطلب من الجزائر أن تضغط على شعب الصحراء الغربية ليعلن مغربيته. هل يعقل أن دولة أجنبية يطلب منها إقناع جزء من شعب دولة أخرى بأنه جزء من تلك الدولة؟ هذا وحده دليل كاف على أن لا علاقة للمغرب بالصحراء الغربية وشعبها.خامسا: المغرب هي التي بدأت بالعدوان ضد الجزائر سنة 1963 وأغلقت الحدود وشنت الحرب على بلد لم يضمد جراحه من حرب 7 سنوات. ولكن الراحل هواري بومدين تجاوز هذا الأمر وفتح الحدود سنة 1969 وقال كلمته الشهيرة في الرباط “سطرنا الحدود لمحو الحدود”، ولم تكن قضية الصحراء قد طرحت. ولكن المغرب عاد وغلق الحدود سنة 1975 إثر احتلاله إقليم الصحراء الغربية، وعاود الشاذلي بن جديد فتح الحدود سنة 1988 إثر اتفاق زرالدة لإنشاء اتحاد المغرب العربي. ولكن المغرب عاود غلق الحدود مرة أخرى بفرض التأشيرة على الجزائريين بحجة أنهم “إرهاب”، واليوم يطلب فتح الحدود دون حل أزمة الصحراء ولا أزمة الاتحاد الذي جمده المغرب من جانب واحد.. بلدك مظلوم يا بنيتي، فلا يغرّنّك ما تقوله أبواق المخزن.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات