ملف جريمة رهبان تيبحيرين بقي 20 سنة كاملة في قلب التجاذب السياسي الاقتصادي الأمني في العلاقات الجزائرية الفرنسية.. فرنسا تستخدم هذا الملف، الذي تعرف عنه الكثير، في سياق الابتزاز للسلطة الجزائرية، وخاصة الجهات الأمنية، والجزائر تعرف عن الملف الكثير أيضا وتستخدمه هي الأخرى في سياق الصراع حول السلطة في الجزائر، أي الصراع الجزائري الجزائري. !في كل مرة يتهدّد جناح في السلطة على خصومه بفتح الملف. ! ولكن في النهاية، لا فرنسا باستطاعتها فتح هذا الملف حقيقة، ولا الأجنحة المتصارعة حول السلطة في الجزائر باستطاعتها فتح الملف.فتح فرنسا للملف يكشف تورّطها أمنيا في عشرية الدم بالجزائر، وخاصة مصالح المخابرات الفرنسية، وفتح ملف الرهبان قد يدفع أيضا إلى فتح ملفات أخرى متّصلة بأزمة الجزائر، وعلى رأس هذه الملفات قضية اختطاف طائرة الأرباص الفرنسية بمطار الجزائر، وتحويل الطائرة بالخاطفين إلى مرسيليا، ثم النهاية الغامضة لهذه العملية والتي فيها أثارت أفلام هيدشكوك أكثر من المعالجة الأمنية.! ربما تفجيرات ميترو باريس فيها “إن أمنية”. !نعم الأمن الفرنسي يخاف من عدالة فرنسا لو فتحت هذه الملفات أكثر مما يخاف من عدالة الجزائر... ولهذا يمكن أن نفهم لماذا طلبت الجزائر، رسميا، عبر العدالة، هذه الأيام من العدالة الفرنسية إنابة قضائية للاستماع إلى ضباط مخابرات فرنسيين كانوا ينشطون على التراب الجزائري؟! لماذا سكتت العدالة الجزائرية عن هذا الموضوع 20 سنة ثم طلبت فتحه الآن بعد أن ألحت العدالة الفرنسية على ضرورة سماح الجزائر لقاضي فرنسي بالتحقيق في أمر اغتيال رهبان تيبحيرين.وأن يجري هذا التحقيق على أرض الجزائر فيه إهانة واضحة لعدالة الجزائر.. تماما مثلما أهان الأمن الفرنسي الأمن الجزائري في موضوع اتصال المخابرات الفرنسية بخاطفي الرهبان قبل قتلهم.!والسؤال: هل المعركة الجارية الآن بين الجزائر وفرنسا حول هذا الملف هي معركة بين حكومة وحكومة هدفها إجلاء الحقيقة، أم هي معركة بين عدالة وعدالة مسيّرة، هدفها طمس الحقيقة؟ أم هي محاولة للكشف المتبادل بين المخابرات الجزائرية ومخابرات فرنسا... وأن مصالح خاصة في السلطتين لها علاقة استفادة في الصراع من كشف هذا الملف؟!القضية باتت واضحة، وهي أن ابتزاز فرنسا للسلطات الجزائرية بهذا الملف قد وصل إلى حدوده الختامية، ولهذا قالت الجزائر للفرنسيين: إذا حاول القاضي الفرنسي الذهاب إلى توريط مسؤولين جزائريين في الملف، ستقوم الجزائر أيضا بتوريط ضباط مخابرات فرنسيين في الملف، ويبدو أن الجزائر تملك ما يسمح لها بتحقيق ذلك.قضية ملف الرهبان تريده فرنسا أن يتحوّل إلى قضية مثل قضية لوكربي في ليبيا من أجل ابتزاز الجزائر ماليا مادامت البلاد تسيّر أموالها من طرف أناس لا شرعية لهم مثل القذافي أو ألعن منه.. وقد ينتهي الملف إلى إقرار التعويض، وسيكون التعويض سخيا وخارقا للعادة كما هو الحال في فضيحة لوكربي[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات