وزير الاتصال قال إن البلاد بها 350 صحيفة لا يتمتّع فيها بالمهنية والقابلية للحياة سوى 20 صحيفة فقط! والبقية عبارة عن صحف حي”ة بـ«سيروم” الفساد، الذي ترعاه الدولة للأسف.نعم، هناك 330 صحيفة لا تستحق الحياة، حسب الوزير، لقلة المهنية وسوء التسيير وعدم القابلية للحياة.. الوزير لم يقل لنا هل مؤسسات القطاع العام داخلة في حساب الرداءة وقلة المهنية أم لا؟!نعم يا سيادة الوزير؛ البلاد، أيضا، بها 60 حزبا، ولكن في الواقع لا يوجد بين هذه الأحزاب أي حزب فيه صفة الحزب، إلا ما ندر! والبلاد، أيضا، فيها 40 وزيرا، ولا يوجد بين الوزراء إلا نسبة وزيرين من الـ40 وزيرا من يمكن أن نقول عنه بأنه “وزير”.. وكذلك بالنسبة لمؤسسات الصناعة والزراعة والتجارة والخدمات.الإصلاح، يا سيادة الوزير، لا يبدأ بإعادة التشخيص لما يحدث في القطاع، بل الإصلاح هو اتخاذ إجراءات جدّية لوضع حدّ لما يحدث في مؤسسات الإعلام العمومي أولا، بإبعاد هذه المؤسسات عن دائرة التوظيف السياسي لفائدة السلطة وليس الدولة، وبالتالي تحويلها إلى مؤسسات إعلامية مهنية.والبداية تكون بإصلاح القوانين الأساسية التي تسيّر مؤسسات الإعلام العمومي، بوضع قوانين تجعل هذه المؤسسات تسيّر من قِبل أشخاص يُشهد لهم بالكفاءة، ويتم اختيارهم عن طريق المناظرات، وليس التعيينات تحت الطاولة وبواسطة الموالاة! ثم وضع برامج لهذه المؤسسات العمومية بحيث تجعها قلاعا للتكوين المهني والريادة الإعلامية الوطنية، حتى لا تبقى هذه المؤسسات مثل مؤسسات الدولة الأخرى مرتعا للرداءة والفساد.نعم، الرقم الذي ذكره الوزير بخصوص نسبة المهنية في العناوين الإعلامية رقم صادم للرأي العام.. لكن هذا كان أحد النتائج الكارثية للتسيير الأمني والإداري والسياسي للإعلام طوال 25 سنة الماضية.تمنيت لو كانت للوزير الشجاعة المطلوبة وقال للرأي العام كم هي أعداد أطنان الورق الذي تستورده الدولة بالعملة الصعبة لطبع الصحف، وتطبع الصحف ولا توزع وتحوّل إلى مصانع التحويل الورقي أو تباع إلى الخارج بواسطة “ترابندو” الورق؟! هل باستطاعة الوزير أن يقول للرأي العام بأن مطابع الدولة تستورد ثلاثة أضعاف ما يستورده القطاع الخاص من ورق الصحف.. وإن القطاع الخاص يطبع 75 بالمائة من الصحف التي توزع للقراء فعليا، وإن مطابع الدولة تطبع 90 بالمائة من الصحف التي لا توزّع؟سوء التسيير في قطاع الإعلام يعكس سوء تسيير البلد برمّته، حكومة وبرلمانا ورئاسة وأمنا وإدارة.. مرض القطاع معروف، مثل مرض الحكم، والمطلوب هو العلاج وليس المعاينة التي يجعلها كل وزير جديد برنامج عمله في الوزارة[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات