يحلو لرجال الإعلام القول بأن تحرير الطفل المختطف من مستشفى بقسنطينة يعود إلى الدور البارز الذي لعبته وسائل الإعلام في الضغط على السلطة لأخذ مسألة الاختطاف هذه على محمل الجد.. وبالفعل واضح أن “زهر” عائلة الطفل المختطف كان في الإعلام الذي قام بدوره المطلوب للضغط على السلطات والرأي العام من أجل الوصول إلى مرتكبي الجريمة.هذه هي إحدى الوظائف النبيلة للإعلام المحترف الذي يؤدي دوره في المجتمع.تصوروا معي لو أن ما قام به الإعلام من ضغط للكشف عن جريمة الطفل المختطف قام به هذا الإعلام في مجالات أخرى أكثر حيوية.ماذا لو أن الإعلام قام بدوره في ملاحقة الفساد والمفسدين في السلطة بنفس عزيمة ما قام به هذا الإعلام في مجال قضية الطفل المختطف، فلو فعل الإعلام في مجال محاربة الفساد ما يجب أن يفعله لما حدث ما حدث في سوناطراك وحدث في الخليفة وغير الخليفة وسوناطراك.ماذا لو أن الإعلام قام بدوره في حكاية تزوير الانتخابات كما قام بدوره في قضية الصغير ليث؟َ! هل كان برلمان الحفافات والشكارة ينصب بهذه الطريق الكارثية ؟َ!وهل كانت الرئاسة والرئاسيات تجري بهذه الطريقة التي أصبحت معها البلاد مضحكة دولية ؟َ!هل لو قام الإعلام بدوره في قضية غرداية كان يحدث لهذه المدينة الرائعة ما حدث لها من كوارث أصبحت تهدد وجودها؟َ!لماذا لم يقم الإعلام بدوره في كشف الممارسات الجهوية في السلطة وغير السلطة وهي الممارسات التي أدت إلى اختلالات رهيبة في التوازن الجهوي أصبح يهدد وحدة البلد واستقراره؟َ! هل تعامل الإعلام كما يجب مع قضية الانتفاضات الشعبية في الجنوب في سياق المطالبة بالحقوق المشروعة للسكان؟َ!لماذا لا يغوص الإعلام بجدية وحرفية في قضايا تعديل الدستور بطريقة مشبوهة قد تؤدي إلى مصاعب سياسية إضافية للبلاد؟َ!هل ناقش الإعلام بجدية وحرفية قضايا أمن البلاد ودور المؤسسات المكلفة بهذا الأمن؟َ! أم أن هذه المسائل لا تهم لا الإعلام ولا الرأي العام وهي بهذا المفهوم مزرعة خاصة للقائمين على أمننا؟َ!الإعلام الصحيح هو الإعلام الذي يهتم بالمسائل الكبرى التي تهم البلاد مثلما يهتم بالمسائل الصغرى التي تشغل الرأي العام مثل قضية الطفل ليث!ينبغي للإعلام أن يقوم بدوره في إثارة المسائل الكبرى إذا أراد أن يصبح إعلاما له وظيفة بناء في المجتمع وفي المؤسسات الدستورية للأمة.. !ويبدو أن السلطة ورجال الإعلام مازالوا يعتبرون الإعلام حرا في إثارة القضايا التي لا تناقش السلطة فيما تفعل، في حين أن الإعلام الحق إما أن يناقش السلطة أو يسكت ويبقى في حالة الخدمات التي يقدمها في سياق الإعلان عن مشاريع الفساد والاستبداد والرداءة وتقديمها على أنها منجزات.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات