+ -

 أليست “مقارفة” عجيبة هذه التي تحدث في عالم السياسة؟! ففي الوقت الذي تتّحد المعارضة بمختلف مشاربها الإيديولوجية والبرامجية والسياسية حول فكرة واحدة وهي “الانتقال الديمقراطي.. وبناء مؤسسات شرعية للدولة الجزائرية”.. في هذا الوقت تنشطر أحزاب الحكم (الأفالان نموذجا) إلى شيع وزمر، كل زمرة تدّعي أنها هي الأحق بشرعية قيادة الحزب، وبالتالي هي الأحق بتوقيع بيان التأييد والمساندة للسلطة! فلا خلاف بين هذه الزمر ليس حول البرامج ولا حتى حول من يحكم البلاد ويحكم الحزب معها.. بل الخلاف هو من هو أحق بأن يمارس “الشيتة الشرعية” باسم الحزب! والأغرب من هذا كله أن هؤلاء أصبحوا يتعاركون بالقضاء حول من هو الأحق بأن يمارس شرعية “الشيتة” !حزب في الحكم ولا يستطيع أن يحلّ مشاكله الداخلية، فكيف يحلّ مشاكل البلد؟! هل ضاع من الأحزاب الحاكمة ومن المعارضة رأس الخيط، مثلما ضاع من الجيش؟!مولود حمروش على حق حين قدّم في ندوة التنسيقية معاينة سياسية صادمة للبعض، ولكنها عين الحقيقة حين قال إن الحكم فقد قاعدته الاجتماعية والسياسية.. ولم تبق له سوى قاعدة الجيش كقاعدة اجتماعية يعتمد عليها في الحكم !الواقع، إن هذه المعاينة تدفعنا إلى القول بأن حال البلاد الآن تشبه حال البلاد السياسية سنة 1962.. فالطبقة السياسة منقسمة ومتصارعة حول السلطة، ولم تبق سوى القوة العسكرية المنظّمة هي التي اعتمد عليها في إرساء أسس السلطة في مرحلة الاستقلال الأولى.لكن الفرق بين 1962 و2014 أن الشعب كان في 1962 شامخا بانتصاراته، وهو اليوم مهشّم بانكساراته.. وأن رموز العسكر والثورة في 1962 كانوا بمثابة الملائكة، أما عسكر اليوم وبعض سياسيه فهم بمثابة الشياطين بالنسبة للشعب أو عموم الشعب.. الجيش كان سنة 1962 جيشا منحازا إلى قضايا الشعب، أما عسكر اليوم فهم ليسوا كجيش 1962، وهذا في العالم الأعمّ.. ولذلك فالشعب ينظر إلى الجيش الآن على أنه أصبح منحازا للنظام بحجّة الانضباط وعدم التدخل في السياسة.. والحال أن كل شيء في البلاد ينطق باسم الجيش؛ لهذا فإن النقاش الذي بدأ يتبلور في الجزائر ليس النقاش حول تغيير الأشخاص في السلطة السياسية، أو الأجنحة المدنية، بل النقاش يتجه إلى المؤسسة الحاكمة وهي الجيش.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات