استمتعت كثيرا بقراءة نقطة نظام الموسومة بـ: “بلا استقطاب”، غير أني وقفت فيها على ملاحظة تتمثل في أنك تعيش كما يعيش جل الجزائريين تناقضا رهيبا في مشاعرك نحو الوطن. من جهة، يأس وقنوط يصل لدرجة الكفر بالسلطة وهو شعور يشاركك فيه معظم الجزائريين وأنا واحد منهم. ومن جهة ثانية، تفاؤل مشروط بنجاح مسعى المعارضة إذا استطاعت أن تتجاوز حالة الاستقطاب الإيديولوجي الجهوي، وهو ما أستبعده على الأقل على المدى المنظور. وأعتقد أن اجتماع ندوة أمس وأول أمس وما طرحته كلمات مختلف الوفود المشاركة، يكشف أن المعارضة لاتزال رهينة لمواقفها الحزبية وأسيرة لمنطقها الإيديولوجي، حيث تحولت الندوة التي كان يفترض أن تؤسس لآلية جديدة للتغيير السلمي والانتقال الآمن نحو دمقرطة النظام ما دام أن التجربة في الجزائر أثبتت أن الانتخابات لا يمكن أن تشكل أداة للتغيير، إلى كرنفال خطابي يعيد إنتاج نفس المقولات التي تريد أن تعيدنا إلى المربع الأول.. “أن الأغبياء وحدهم هم أولئك الذين لا يستفيدون من تجارب أعدائهم”، هي مقولة للقائد الروماني “سبيون” الذي أحرق قرطاج، تذكرتها لأنها للأسف لا تنطبق علينا لأننا أكثر من مجرد أغبياء لا نستفيد من تجارب أعدائنا، إننا لا نستفيد حتى من تجاربنا، فالمتابع للمواقف التي أنتجها انعقاد ندوة الانتقال الديمقراطي التي نظمتنها التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي، يتأكد فعلا أننا لا نستفيد من تجاربنا ونكرر نفس أخطاء الماضي.فالسلطة تعاملت مع الندوة بمنطق اللاحدث الذي دافع عنه وزير الخارجية الأسبق أحمد عطاف في تعاطيه مع ندوة سانت ايجيديو التي كان يمكن أن تشكل طوق نجاة للسلطة والمعارضة معا في حينه، بتبني حل سياسي توافقي اجتهد كثيرا المرحوم عبد الحميد مهري في بلورته، غير أن منطق اللاحدث أضاع على الجزائر فرصة تاريخية وأدخلها في دوامة العنف وفي السؤال “من يقتل من؟”. إن إصرار السلطة على التعامل مع ندوة الانتقال الديمقراطي بنفس منطق اللاحدث، سيضيع علينا من جديد فرصة للانتقال الهادئ والآمن نحو نظام ديمقراطي لندخل في مغامرة جديدة بداياتها معلومة ونهايتها مجموعة من المجاهيل. كما أن المعارضة بدورها لم تتعلم من تجاربها السابقة، حيث شارك بعض القادة والزعماء في الندوة بهدف التموقع من جديد وكسب نقاط جديدة استعدادا لاستحقاقات قادمة أثبتت الأيام أن الذي يحسمها لم ولن يكون الصندوق. إن استمرار منطق التموقع وغياب ثقافة الحلول التوافقية التي تتجاوز المطالب الحزبية والانتماءات الإيديولوجية، سيرهن تقدم أعمال التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي ويجعلها تراوح مكانها وتكرر خطابها وتعيد إنتاج نفس الأخطاء، وقد برز ذلك جليا في محاولات السيد بن فليس الاستحواذ على الأضواء والكلمة، وكذا مطالب ممثل الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي لاتزال رهينة لسنة 1991.. هل اقتنعتم معي، سيدي، أننا أكثر من مجرد أغبياء، لأنه فعلا الأغبياء وحدهم أولئك الذين لا يستفيدون من تجارب أعدائهم، أما نحن فلا نستفيد حتى من تجاربنا.مصطفى بخوش❊ أتفق مع الكثير مما جاء في ردك وأختلف معك في بعضه:أولا: شيء جميل أن تجتمع المعارضة بمختلف مشاربها لأن السلطة هي التي دفعتها إلى ذلك، من خلال المظالم السياسية والاقتصادية المسلطة على الشعب.. فهؤلاء توحدوا بالظلم والحڤرة والفساد والتسلط وهو إحساس أولي قد يؤدي إلى ميلاد شيء جديد يكون بمثابة نوفمبر جديد الذي جمع هو الآخر مختلف المشارب سنة 1954.ثانيا: التعامل السلبي من السلطة مع الحدث عامل إضافي للدفع به إلى التعمق والتجذر وبالتالي النجاح.. وهذا في حد ذاته شيء إيجابي، والشعب يتابع ما يجري ويعرف الحق من الباطل وهو وحده القادر على غربلة الغث من السمين. إنها البداية.. بداية الخلاص إن شاء الله[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات