دخلت البلاد لحظتها الحرجة نتيجة استمرار غيبوبتها السياسية والاجتماعية لتراكمات التخلف.. في الوقت الذي انتقلت دول كانت صحراوية من الفقر إلى ركب المتقدمين معيشيا وتكنولوجيا على الأقل مازلنا نغرق في مناقشات تعديل الدستور وتقليص وثائق ملف “السكنة” وإلغاء “كرطونة” المطار ولون رخصة السياقة.. ونقدمها في قداس موسمي كإنجاز يعتقد منظموه أنهم يصالحون به آلهتهم المبعثرة.عندما كان هواري بومدين يجول العالم لنشر الأفكار التحررية وعدم الانحياز، كانت ماليزيا، دبي، سنغافورة، الدوحة وتايلندا.. “تايبيه” مجرد تجمعات سكانية تنش الذباب وترزح في المجاعة ثم انتقلت بسرعة فائقة وفهمت العالم وحركاته السياسية، المالية وصارت صحاريها مليئة بمراكز تجارية وأبراج بترو ناس كوالالمبور وسنغافورة وحمد وخليفة بعدما كانت تبيع التوابل وكسكروطات الدود والفلفل، فيما اكتفينا نحن بتسميات برج المختار وبرج بوعريريج وبرج منايل وبرج دماغ العتروس واشتقاقات بروج سكرات الموت.. في الطرقات يوميا.حتى النقاش المتداول إعلاميا حول التقسيم الإداري الجديد يدعو للسخرية وفضح عديد المثقفين المغشوشين بفكر “الدوار”، فكثيرا ما طالعت مطالبتهم بضرورة ترقية “عرشهم” إلى مرتبة ولاية لأنه يستحق “الاستقلال” وإنهاء التبعية لأسباب نمطية تجاوزها الزمن. فيما تتجه دول العالم والشركات والخطوط الجوية والمصانع ومؤسسات صناعة الحلوى إلى مزيد من التكتلات الإقليمية العابرة للأوطان اقتصاديا وسياسيا بهدف استمداد أخطبوط القوة، فإيران من أجل مصلحتها ابتلعت العراق وسوريا ولبنان وروسيا فككت أوكرانيا بجزرها، حتى الصومال فرضت قانون القراصنة في مياهها، وهنا نجنح إلى التقسيم “الإداري” قصد توفير أقساط مريحة من البيروقراطية للجميع وأعباء إضافية على الخزينة العمومية الخاصة بهم؟هذه المنزلقات قد تلغي المحقق ولو شكليا من خلال نشر ثقافة ولايات “القبيلة رسميا” على حساب دفع قيم المواطنة وتنمية المشترك وحاليا بقيت فقط كرة القدم كثابت مشترك نشتري لأجلها الرايات ونغنى “وان تو ثري فيفا لا لجيري..” كشعارات شعبوية فارغة للسلطة والشعب والمعارضة، سرعان ما تذوب عند ظهور أول مسكن اجتماعي أو عقد إدماج أو ريوع مالية مما يعكس إرباكا شديدا للتكوينات العميقة يجعلها غير مرتاحة سوى للأنماط العشائرية القديمة رسميا وشعبيا. والمسخرة أن أوباما وصل يرأس أقوى دولة في العالم وهو الشاب الإفريقي الأصل جاء انتخابه لعهدتين من منطلق “قيم المواطنة”، فيما سياسيو أبراج الجدي والماعز والثور والسرطان عندنا يسكنون أبراجهم بعيدا عن الواقع في أمة انزلقت من زمن مالك بن نبي وتنظيرات خط طنجا- جاكارتا إلى زمن عبد المالك وخط استواء الفساد - الفقر.. وقداس ثرثرة دساتير قال عنها جلال عامر إنها مثل دراجة “الباسكليت” تصلح وتصنع لراكب واحد.. فقط. إمضاء: صالح بشير يا زميلي بشير، ليتك توقع مثل هذه الكتابات الجميلة باسمك الحقيقي، فالمثل يقول: وفاز باللذة الجسور.. ولن يصيبك إلا ما كتبه الله لك. أعرف أن الظلم بلغ مداه في قطاعنا وخوفك على نفسك مشروع[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات