تقول الحكومة إن على الشعب إظهار تضامنه مع الدولة، فيقرر الشعب طوعا إنشاء صندوق أسماه “صندوق التضامن مع الحكومة”، تصب فيه الاقتطاعات من أجورهم دون علمهم أو موافقتهم و”هم موافقون على ذلك طبعا” وتصب فيه الزيادات في أتاوات الكهرباء والماء والهواء، وكل زيادة في الوعاء الضريبي سوف تذهب طبعا لهذا الوعاء، لكن أحد الحكماء من هذا الشعب حذر الحكومة بعد أن أدرك أن هذه الإجراءات لا تمت بصلة للتقشف بسبب افتقادها لقوة “الجبر”، حيث ستلتزم الحكومة المخلصة ووزراؤها وأصحاب المعالي بإجراءات التقشف، بينما الجزء الأكبر من الشعب لن يفعل ذلك بسبب ميله المفرط للفساد والإسراف والتبذير، وبسبب ميله لإنفاق الثروة التي تراكمت لديه سنوات الرخاء الاقتصادي والارتخاء الحكومي في حماية أموال الدولة من النهب من طرف الشعب، بعد بضعة أشهر تتفقد الحكومة الصندوق فتجده لا يلبي تطلعات الشعب فتصاب الحكومة بالهلع وتشعر بالخجل، فيقول رأسها: ماذا تقول للشعب الآن؟
ولأن الشعب غني يقرر بدلا من الحكومة (التي تستحي) أن أول أيام الجمعة من السنة الجديدة سوف يخصص لجمع الأموال لصالحها خدمة للشعب طبعا، في حيّنا يصعد إمام المسجد إلى المنبر فيلقي علينا السلام ثم يذكر جموع المصلين بآيات الإنفاق والتخويف من النفاق السائد بين “أوساط الشعب”، ويضيف بعض الأحاديث حتى تلين قلوبهم القاسية، ثم يقول: جمع الأموال لهذا الجمعة مخصص لدعم صندوق التضامن مع الحكومة، وأن الحكومة طيبة مسكينة تتأمل فيكم كل الخير، وتذكروا أيام كانت الحكومة تقيم المساجد وتحارب دور الفسق وتمنع التبذير والإسراف على الحفلات التي كان يقيمها الشعب بمناسبة أو بدونها، فكن معطاء أيها الشعب.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات