من التداول على السلطة إلى التداول على الحوار

+ -

 الآن تبدأ عملية “جبان الوقت” مرة أخرى بالمعارضة والشعب من الوجوه نفسها في السلطة، في سياق ما سمي المشاورات حول تعديل الدستور؛ فبعد أن حاور بن صالح الطبقة السياسية باسم الرئيس، وأعدّ تقريرا للرئيس حول نتائج المحاورة لم يطلع عليه لا المعارضة التي حاورت بن صالح، ولا الرأي العام الذي يهمّه ما يطبخ له في الدستور.والمصيبة أن محتوى التقرير سلّم لهيئة تقنية تقوم بتقييم اقتراحات السياسيين والحكم عليها، وهذه الهيئة التقنية معيّنة من قِبل الرئيس، واليوم قيل مرة أخرى إن نتائج عمل الهيئة التقنية ستسلّم إلى محاور آخر هو أويحيى، ليفتح على أساس عمل الهيئة التقنية مشاورات أخرى مع الذين حاورهم بن صالح، لإعداد تقرير آخر من قِبل أويحيى سيقدّم إلى الرأي العام بوسائل الإعلام أو عبر ندوة وطنية يشارك فيها الذين حاورهم بن صالح، وقد يعيّن الرئيس لاحقا بديلا لأويحيى في الحوار في سياق “جبان الوقت”.هذا العمل السياسي الذي يشبه عملية “مضع الماء” لا تفسير له سوى عدم جدية الرئيس في إنجاز إصلاحات حقيقية، وكل ما يقوم به هو العبث بالمعارضة وبالرأي العام في إطار تضييع الوقت، فقد مرّ على وعده بالإصلاحات أكثر من 3 سنوات، ولم ينجز شيئا.سيأتي رمضان بعد أيام وتعقبه العطلة الصيفية وبعدها الدخول الاجتماعي، وستكون مهمة أويحيى في الحوار مع من حاورهم قبله بن صالح شبيهة بتكرار المكرر والحوار من أجل تحديد البدء في الحوار، للانتهاء إلى اقتراح لجنة لبدء الحوار.هذه الحكاية ذكّرتني بما كان يجري في أيام الحزب الواحد من عبث سياسي، حيث كانت جريدة “الشعب” تكتب افتتاحية تتحدّث فيها عن شرح خطاب الرئيس والمرامي الفلسفية السياسية لمحتواه، ويقرأ محافظ الحزب في قسنطينة الافتتاحية التي كتبتها جريدة “الشعب” ويخطب محتواها في الاجتماع التنظيمي لمناضلي المحافظة، وتنقل وكالة الأنباء الجزائرية محتوى خطبة المحافظ الذي هو محتوى افتتاحية “الشعب” التي يكون قد كتبها أحد الصحفيين البسطاء في القسم الوطني (عيسى عجينة نموذجا) وينسب الكلام للمحافظ من قِبل وكالة الأنباء وليس لجريدة “الشعب”، وتقوم جريدة “الشعب” مرة أخرى بنشر محتوى الافتتاحية الذي نشرته من قبل ولكن منسوبا إلى المحافظ هذه المرة.هذا العبث السياسي لا يختلف اليوم عن العبث الذي تقوم به الرئاسة، في حكاية تداول أويحيى وبن صالح في حكاية الحوار من أجل صياغة الدستور. الرئيس هو الذي يعيّن من يحاور ومن يتحاور معهم، ويقيّم نتائج الحوار وقد بقي 15 سنة يفعل ذلك ولن ينته إلى شيء.. إنه العبث[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات