أخطاء الجيش الجزائري مع الإنقاذ (الفيس) تتكرر في مصر في علاقة الجيش المصري بالإخوان.. ولا نكاد نلمس الفرق بين تصرف السيسي مع الإسلاميين (الإخوان) وبين تصرف “نزار” عندنا مع الإنقاذ سنة 1992، مع فارق واحد أن نزار كان لا يريد الرئاسة مباشرة، فيما يقوم السيسي بما يقوم به من أجل أن يرأس مصر.. لأن قطاعات واسعة من الشعب المصري ترى في السيسي عبد الناصر الجديدǃالآن أيضا المعارضة الجزائرية تقاوم رغبة الإنقاذ في العودة إلى الساحة السياسية عبر تزعم المعارضة.. تماما مثلما تزعم الإخوان الثورة على نظام مبارك. وليس من الصدفة أن الإخوان في مصر عندما تزعموا الثورة على نظام مبارك لم تكن لهم شرعية، ولم يكن النظام يعترف بهم، لأنهم كانوا تنظيما حلّ في عهد عبد الناصر، وبقي غير شرعي رغم أن السلطة المباركية تعاملت معه في الانتخابات بطريقة غير مباشرةǃمن حق المعارضة الجزائرية أن تستفيد من شعبية “الفيس” ومن حق “الفيس” أن يركب موجة المعارضة المتحدة ضد السلطة المهترئة الآن..ǃ لكن ما ينبغي أن لا يقع فيه “الفيس” أو المعارضة هو أن أخذ الحكم من السلطة لن يكون عبر الشرعية التي وضعتها السلطة.. كما أن “الفيس” عليه أن لا يربط بين شعبيته التي يعتقد أنها طاغية وزعامة المعارضة والاستفادة عبرها من العمل الشرعي الذي منحته السلطة إلى المعارضة.ǃالصحيح الذي ينبغي أن يعمل عليه المعارضون للسلطة و”الفيس” في وقت واحد هو دفع السلطة إلى العودة الحقيقية للشعب صاحب السيادة وصاحب الشرعية، ليفوض من يراه مناسبا.. وكذلك ينبغي أن يكف قادة الإنقاذ عن حكاية وضع شرعيتهم التي منحها لهم الشعب سنة 1991 كأساس العودة إلى الشرعية.والسلطة نفسها عليها أن تعرف بأن بقاء نسبة كبيرة من الشعب خارج دائرة الحق في ممارسة السياسة، بحجة حرمان “الفيس” من العودة، هي تصرفات تعقّد الحياة السياسية ولا تساهم في حلها.ǃماذا لو أن الرئيس بوتفليقة فعل ما فعله الحسن الثاني وابنه محمد السادس قبل سنوات، حين كلف المعارضة بتشكيل الحكومة من المعارضة والخيرين في النظام وتنظيم لقاء وطني يصاغ فيه دستور جديد، وتنظم على أساسه انتخابات تشريعية شارك فيها الجميع بلا إقصاء.؟ǃالجزائر بالفعل في حاجة إلى شاب مثل المهدي جمعة التونسي في الحكومة (جلالي سفيان مثلا)، ويلتف حوله مجموعة من الشباب من أمثاله في المعارضة وفي السلطة وفي الأحزاب الحاكمة من أجل إنجاز لمّة واحدة هي بناء مؤسسات دستورية منتخبة في مدة سنة أو سنتين، وتجاوز الكارثة السياسية والأمنية والاقتصادية والرداءة والفساد الذي ينخر البلاد.. إنه الحلم.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات