المستوى السياسي لقيادة احتجاجات عين صالح أعلى بكثير من مستوى المؤسسات والرجال الذين نصبهم بوتفليقة على رأس البلاد في الحكومة والبرلمان والرئاسة والجيش والأمن والأحزاب الحاكمة والمحكومة.وكمثال حي على هذا، أن موفد الرئيس بوتفليقة إلى عين صالح اللواء هامل، المدير العام للأمن، عندما طلب من المحتجين تعيين ثلاثة أشخاص لمقابلة الرئيس في الجزائر، كان جواب المحتجين رائعا.. قالوا لهامل نحن نكلفك أنت بتمثيلنا في مقابلة الرئيس؟ǃبالتأكيد، لا الرئاسة ولا الحكومة ولا حتى الهامل فهم المغزى السياسي العميق لما قاله هؤلاء لمبعوث الرئيس.ǃ قالوا له ببساطة نحن: طلاب قرار سياسي بوقف مهزلة الغاز الصخري ولسنا طلاب مقابلة مع الرئيس لنتشرف بها.. فهذه تناسبك أنت ولذلك نكلفك بها؟ǃنعم، مشاكل البلاد لا تحل لأن مؤسسات الدولة لم يعد على رأسها من يحسن ممارسة السياسة وممارسة الحوار.. ترى ماذا يفعل عشرات المستشارين في رئاسة الجمهورية الذين تخصصوا في قراءة رسائل الرئيس حتى في الأماكن التي لا ينبغي أن تتواجد فيها الرئاسة، يقرأون باسم الرئيس كلاما يجعل السامع في بعض الأحيان يستعيذ بالله ويحوقل على المستوى الذي وصلت إليه رئاسة الجمهورية، يقرأون باسم الرئيس كلاما يصلح لكل زمان ومكان وكل الأوطان ولكل الحكام العرب بلا استثناء.ǃ لأنه ليس المهم محتوى ما يقال باسم الرئيس والرئاسة، بل المهم أن يقال أن الرئيس ما يزال موجودا ويكتب الرسائل إلى الشعب.! ويخاطبه عبر هؤلاء.ǃعندما لا يجد الرئيس مستشارا أو مسؤولا بالرئاسة بإمكانه أن يتحاور مع المحتجين في عين صالح، وعندما لا يجد في مجلس الأمة والبرلمان والحكومة من باستطاعته الحوار مع المحتجين، فذاك يعني أن مؤسسات الدولة أصبحت شاغرة.وأحسن قرار يتخذه الرئيس ويلقى صدى لدى الشعب هو حل الحكومة والبرلمان والأحزاب وأجهزة الأمن، وتعيين أمثال هؤلاء الذين قادوا الاحتجاجات في عين صالح على رأس هذه المؤسسات مؤقتا، إلى حين إجراء انتخابات حقيقية تفرز رجالا بمثل ذكاء شباب عين صالح.. لكن مثل هذا القرار يتطلب فهما عميقا للرسالة التي أرسلها المحتجون من عين صالح إلى الرئيس عبر مبعوثه هامل.. لكن ليس هناك في مؤسسات الدولة من له القدرة على فهم رسائل المواطنين.فالسلطة لم تعد عاجزة عن السماع لمطالب المواطنين فقط، بل أصبحت عاجزة أيضا عن فهم ما يقوله الموطنون.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات