+ -

@ يبدو أن العدّ التنازلي لنهاية حكم بوتفليقة ومعه النظام بأكمله قد بدأ بالفعل.. وأن الرئيس وأصحاب القرار أصبحوا لا يتحكمون في شيء في البلاد.وتأملوا الآتي:أولا: رئيس جمهورية يقود البلاد من بيته ولا يذهب لرئاسة الجمهورية، ولا يعقد مجلس الوزراء مدة ستة أشهر تقريبا.! بل ويعمد إلى اتخاذ قرار في غاية السوء بالنسبة للبلد، حين يفرغ رئاسة الحكومة ويحوّل رئيسها إلى رئيس حملة له.. أي يفضّل حملته على تسيير الشأن العام للبلاد.! الرئيس غائب بالمرض والوزير الأول تنهى مهامه بطريقة غير قانونية ويخلف بالنيابة، ويصل عبث الرئيس بالمؤسسات الدستورية إلى حد لا يعقل.!ثانيا: البلاد تغلي اجتماعيا.. في غرداية مواجهات، وفي تمنراست تململ للتوارڤ وفي باتنة يتظاهر الشاوية ضد استفزاز سلال وفي القبائل يحتل المتظاهرون الشوارع والساحات في تيزي زوز وفي بجاية، ولا أحد بإمكانه معالجة الوضع لأن الرئيس مقعد ولا يستطيع التحرك والحكومة تسيّر بالوكالة؟! والعاصمة تحتل شوارعها الحركات المناهضة للنظام والعهدة الرابعة.. والبلاد تتدحرج نحو المجهول بسرعة الضوء.. والسلطة تلعب دور النعامة.!ثالثا: حركة ”بركات” تجاوزت المعارضة المكلسة وانتزعت حق الشباب الدستوري بالتظاهر في شوارع العاصمة وهو الحق الذي عجزت عن إنجازه المعارضة، وهذا الإنجاز في حد ذاته يعد تحولا مهما في النضال ضد النظام الفاسد وضد الرئيس المقعد الذي يحكم البلاد من غرفة نومه ويريد تمديد الأمر إلى 5 سنوات أخرى.والجميل في ما أنجزته حركة ”بركات” في ظرف قصير، أنها جعلت قوات الأمن تتصرف مع المتظاهرين حسب الدستور وليس حسب إرادة النظام المريض، أي أن قوات الأمن أصبحت تقوم بمهامها في حماية النظام العام بما فيها حماية المتظاهرين في إطار حركة ”بركات”! ولا تقوم قوات الأمن بالقمع السياسي لصالح النظام كما كان من قبل. حدث هذا مع المتظاهرين في العاصمة وفي باتنة، وقد تعمم هذه الممارسة الإيجابية للشرطة إلى ولايات أخرى، وعندها سيعرف أنصار العهدة الرابعة ومعهم الرئيس إن كان ترشيح الرئيس لعهدة رابعة هو مطلب شعبي أم هو ضد إرادة الشعب؟! فالأمن ملك للشعب وليس ملكا للنظام!رابعا: لقد سقطت اتهامات السلطة والمعارضة على السواء لحركة ”بركات” بالعمالة للنظام أو جزء من النظام، وبالعمالة للخارج.. فالجزائريون الذين يعارضون السلطة لهم حساسية زائدة من العمالة للخارج.. وحتى ”الفيس” الذي عارض السلطة بشراسة لم يكن عميلا لأي جهة خارجية.. أما العمالة للنظام من طرف شباب ”بركات” فلا تعقل.. لأن الحركة تطالب بتغيير النظام.. وإذا كان داخل النظام من يريد ذلك فالعمالة له تصبح من واجبات الحركة.! وعلى هذه الحركة أن توسع نشاطها وتتجنب خطر الزعامة!خامسا: الآن لم يعد الأمر يتعلق بمعارضة العهدة الرابعة أو حتى مطلب تغيير النظام، بل أصبح الأمر يتعلق بتجنيب البلد أخطار الاضطرابات العاصفة بوجوده ووحدته، وعلى المؤسسات الدستورية الباقية في الدولة والتي لم تتعرض إلى عبث العابثين في السلطة أن تتحمل مسؤولياتها في تمكين الشعب من التعبير عن حقه في اختيار مسؤوليه ومراقبة أدائهم لمتطلبات الحكم.. وفي مقدمة هذه المؤسسات، مؤسسة الأمن ومؤسسة الجيش، حتى لا يحدث لهذه المؤسسات مع الشعب ما حدث لمؤسسات الأمن والجيش في مصر وسوريا..الأمر خطير ولكن الأمل في اجتياز المحنة قائم أيضا.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات