+ -

 ”من يملك المعلومة يملك السلطة” هذه الحقيقة يتعاظم دورها في الأنظمة البوليسية حين تطغى أجهزة الأمن على غيرها من المؤسسات الأخرى مثل ما هو الحال في الجزائر.. وتزداد خطورتها عندما تصبح أجهزة الأمن هي التي تستخدم المعلومة في الممارسة السياسية الاقتصادية، وممارسة الحكم بصورة مباشرة عبر استخدام المعلومات المتاحة لأجهزة الأمن في التمكين لأجهزة الأمن بممارسة القرار الذي ليس من حقها بل.. من حقها أن تضع المعلومات أمام السلطة السياسية وهي تتخذ القرار..! أي أن الدولة البوليسية يمكن مقاومتها بمبدأ بوليس الدولة؟! في النظم الديمقراطية تلجم أجهزة الأمن بإخضاعها للسلطة السياسية المنتخبة ومع ذلك تمارس بعض الضغط على السلطة السياسية عبر الاستعمال الانتقائي الموجه للمعلومات ضد الأفراد والمؤسسات في الدولة، وكلما كانت الأجهزة الأمنية مهنية في التزام حدودها في استخدام المعلومات، كلما كانت الدولة أكثر ديمقراطية وأكثر توفيقا في استخدام المعلومات الأمنية لما ينفع المجتمع.! وكلما استأثرت الأجهزة الأمنية باستعمال المعلومات لفائدة المؤسسة الأمنية وحدها أو لفائدة أشخاص فيها بغرض النفوذ كلما تراجع الدور الحيوي لأجهزة الأمن، وحدثت القطيعة بين السلطة السياسية والشعب.!المبرر الوحيد لإطلاق يد الأمن في التجسس على المواطنين والمسؤولين والمؤسسات هو أن تستخدم المعلومة المكتسبة لفائدة الدولة وليس في فائدة السلطة، وكلما كان الأمن يشتغل لفائدة الدولة وليس السلطة كلما كانت الدولة ديمقراطية ودولة مؤسسات ودولة قانون وليس دولة بوليسية.التجسس على الناس من طرف أجهزة الأمن يصبح عملا مشروعا فقط عندما يتم تحت رقابة السلطة السياسية أي تحت رقابة القضاء، وخاصة التصنت على هواتف الناس.لكن التجسس على الناس في إطار القانون من طرف أجهزة الأمن قد يكون عملا إيجابيا فمن كان يعرف فساد رئيس وزراء تركيا الذي ملأ الدنيا حديثا عن محاربة الفساد لو لم تتم عملية التصنّت على هاتفه من طرف أجهزة الأمن التركية وتسجل له تلك المكالمة الغريبة بينه وبين ابنه.!ومن كان يعرف أن الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي أخذ إكرامية لحملته الانتخابية من العقيد القذافي لو لم ترخّص العدالة الفرنسية لمصالح الأمن الفرنسية بوضع هاتف ساركوزي تحت التصنّت.!ومن يدري قد تكون مصالح الـ (D.R.S) عندنا قد وصلت إلى فضيحة سوناطراك 1و2 عبر وضع هاتف شكيب خليل تحت التصنّت؟! حتى ولو أنهم قالوا بأن خليل كان حذرا واستخدم هاتفا لا يمكن ممارسة التصنّت عليه وهو هاتف بلاك بيري؟!التجسس على الناس شر مستطير يمكن أن يتحول إلى شيء إيجابي إذا استقدم التصنت بالقانون ولفائدة الدولة وليس السلطة، فضلا عن استخدامه لفائدة الجهاز وأجهزة الجهاز ورجالاته فقط؟[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات