لا مجال الآن للقول إن البلاد ما تزال تحكمها الشرعية الثورية، لأن الشرعية الثورية كلها تحت التراب في المقابر؟! البلاد الآن تحكمها شرعية جديدة هي شرعية الفساد بأنواعه الثلاثة: السياسي والاقتصادي والأخلاقي.؟الشرعية الثورية هي الآن في المقبرة وعظامها رميم، مجموعة الستة لم يبق منها أي أحد (بن بوالعيد وبيطاط وبوضياف وبلقاسم كريم وديدوش وبن مهيدي)، ماتوا جميعا إما في ساحة الشرف أو قتلوا من طرف الشرعية الثورية بعد الاستقلال وأثناء الثورة.! وجماعة التسعة لم يبق منهم إلا أيت أحمد أطال الله عمره، وهو الآن لا يستطيع الكلام لهول الصدمة التي سمعها بخصوص الرئاسيات القادمة، وجماعة الـ22 لم يبق منهم سوى أربعة هم: بلوزداد مشاطي وعبد القادر السوفي وبن عودة، وجماعة الـ (21) الثانية التي ألقت فرنسا القبض عليهم وهم أعضاء (O.S) لم يبق منهم أحياء إلا (3) وهم سواعي نور الدين، ومسلم الطيب، وقويدر صالح.إذن الشرعية الثورية لا وجود لها الآن في أصولها الأساسية ولا أحد يستطيع أن يتحدث باسمها أو يحكم باسم الشرعية الثورية. حتى بيان أول نوفمبر الذي تتخذه جبهة التحرير وأحزاب البلطجة السياسية الآن ذريعة لمصادرة حق الشعب في حكم نفسه، هذا البيان لم تكتبه جبهة التحرير كما هو مزيف في تاريخ الثورة.. بل كتبته ووقعته عناصر في اللجنة الثورية “للوحدة والعمل” ولم يذع في البداية باسم جبهة التحرير أبدا، بل نشر وأذيع باسم اللجنة الثورية للوحدة والعمل. نعم وضع الجزائر الآن يشبه وضعها سنة 1954، إحباط عام لدى الشعب وغموض بخصوص مستقبل البلاد السياسي، تماما مثلما كان الحال في 1954 عندما خطا التوانسة والمغاربة خطوة سياسية نحو تحرير بلديهما من الاستعمار وبقينا نحن في الجزائر نتصارع في أمر من له الحق في دمج الشعب في فرنسا أو له الحق في تفجير الثورة واعتماد الكفاح المسلح لتحرير البلد. وأصبح مناضلو الحركة الوطنية يجرون وراء بعضهم بالهراوات في الشارع، كما هو حال الآفة الآن. في ربيع 1954 كان صوت العرب في القاهرة يتهكم على الجزائر والجزائريين، فيذيع أنه أراد الزواج من حرة في بلاد شمال إفريقيا، فمنعه الرجال في تونس وفي المغرب من الاقتراب من التونسيات والمغربيات.. لكن في الجزائر لم يجد غير النساء ولم يجد الرجال؟! هذا هو حالنا الآن.! فهل يخرج المارد من هذا الدمار السياسي؟! كما حدث في خريف 1954؟! بالأمس استمعت إلى الدكتور سعيد سعدي وهو يتحدث عن مرحلة انتقالية نتجاوز بها كارثة الرئاسيات المغلقة في غرفة الإنعاش.. لكن الدكتور نفسه هو الذي أيد وصول هذا النعش السياسي إلى سدة الرئاسة سنة 1999 ثم انقلب عليه، أتذكر حينها أنه اتصل بي المرشح بوتفليقة هاتفيا على هاتف بيتي ليطلب مني تأييد ترشحه أو على الأقل السكوت عليه، فقلت له: بجانبك ذباب كثير.! فماذا يفعل بجانبك أمثال سعدي؟! فقال لي في الهاتف وربما كان الهاتف معسوسا آنذاك لأنه رئيس أو مشروع رئيس.. قال لي بوتفليقة إن سعدي كل همه أن يعرف موقف الجيش من ترشحي.! فقلت له: هل سعدي يساوي شيئا بدون الجيش! لكن اليوم أحس بأن ما يقوله سعدي هو عين الصواب، وبالفعل أصبح الرجل يتمتع بنضج كبير.. وأصبح رجل سياسة من الذين يعول عليهم لإنقاذ البلاد؟! لو كانت النية حسنة؟!أما جماعة حزب الفساد في الأرندي والآفة وتاج فوضعهم لا يختلف عن وضع الاندماجيين سنة 1954، ولابد أن يجرفهم التاريخ نحو المزبلة كما حدث لأمثالهم سنة [email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات