+ -

 أخيرا تحرّك بعض نواب مجلس الأمة لمساءلة الحكومة حول مستقبل البلاد في ضوء تدهور أسعار البترول بشكل ملفت. وإذا كان النواب من حقهم مساءلة الحكومة في هذا الموضوع، فإن الشعب أيضا من حقه أن يسأل النواب: لماذا ترك البرلمان الحكومة أو الحكومات المتعاقبة تعبث بمقدرات بلاده بهذه الطريقة وتزجّ بها في مستقبل مظلم؟الحكومة ليست وحدها المسؤولة عما حدث وسيحدث، بل هؤلاء النواب هم أيضا شركاء في هذه الكارثة.. وقبل مساءلة النواب للحكومة كان عليهم مساءلة أنفسهم أولا، ومحاسبة أنفسهم عن التقصير في أداء دورهم في مراقبة الحكومة.أغلب الظن أن تحرك النواب هذا ليس له علاقة بخوفهم على مستقبل البلاد، بل له علاقة بتخوفهم من أن الحكومة ستعجز عن دفع أجور النواب أيضا.كل الناس في الجزائر يعرفون أن النواب والحكومة كانوا طوال السنوات العشر الماضية يتصرفون في حكم الجزائر كسلطة أجنبية لا يهمّها مستقبل البلد بقدر ما يهمّها ما تجنيه من منافع وامتيازات وتحويلها إلى الخارج.لاحظوا أن الحكومة والنواب في الجزائر أدى بهم الهلع من انخفاض أسعار النفط إلى إقرار إجراءات تقشفية لأقل ما يقال عنها إنها تشبه القرارات التي يتخذها المعمرون في البلد المستعمر! هل يعقل أن تتخذ حكومة مسؤولة قرارا بتجميد التوظيف وتجميد التنمية، وتسكت عن التقشف المطلوب اتخاذه في مجالات نفقات البذخ والفساد والتبذير؟ لماذا لم تتخذ الحكومة قرارات تخص تجميد حكاية السياسة المتّبعة في المهرجانات الثقافية التي هي عبارة عن هدر عام للمال العام، مثل سنة الجزائر في فرنسا، وسنة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، والمهرجان الإفريقي الثاني، وقسنطينة عاصمة الثقافة العربية.كان على النواب أن يسائلوا الحكومة عن عدد السيارات الفخمة التي تستخدمها دوائر الحكم ومؤسسات الدولة المختلفة ببذخ مبالغ فيه، وعن كميات البنزين المستهلكة باسم الدولة وباسم المسؤولين، وعن المهمات للخارج والداخل، وعن الإقامة في الفنادق الفخمة للإطارات ورجال الدولة باسم الهروب من الإرهاب، وعن تبذير التأثيث والتجهيز بالوسائل العديدة التي لا يتصورها عقل، والتبذير الذي يصرف على مجالات الرفاهية للمسؤولين في المؤسسات والإدارات.كان على الحكومة والنواب أن يحاربوا التبذير في هذه المجالات أولا قبل اتخاذ قرار تجميد التوظيف، وقبل هذا وذاك كان على النواب والحكومة وقف عمليات الفساد والنهب للمال العام بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة.أغلب الظن أن النواب يسائلون الحكومة عن الطريقة التي ستضمن بها الحكومة دوام أجور الوزراء ودوام أجور النواب، ولا شيء غير ذلك.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات