+ -

 لقد سعدت كثيرا بما أثنيت به على الأخوة التونسيين، وما امتدحت به الديمقراطية الناشئة هناك، ووصولهم لصياغة دستور يحظى بالإجماع، عكس دستور الحفافات عندنا والمغنّيات في مصر. لكن كان عليك أن نذكر أن هذه النتيجة لم تكن ليصل إليها التوانسة لولا حكمة الإسلاميين هناك، على رأسهم الشيخ راشد الغنوشي، الذي لم تذكره أنت في مقالاتك السابقة إلا وأنت منتقدا، أو جامعا له مع بقية الإسلاميين كالشيخ القرضاوي وعباسي مدني وجبهة النصرة و«داعش”..لتعلم يا سعد أن أمثال الغنوشي موجودون، وهم كثر وفي كافة البلدان العربية والإسلامية، لكن الزمر الحاكمة في بلداننا لا تريد أن يرتفع لهم صوت من هذه الأصوات الهادئة الحكيمة، لأنها تشكل خطرا كبيرا على عرشها ومكاسبها، وخير دليل على ذلك هو شهادة الدكتور طالب الإبراهيمي في قناة ”الجزيرة” بخصوص المفاوضات بين السلطة والجبهة الإسلامية للإنقاذ غداة فوزها بالانتخابات البرلمانية. لذلك أرجو منك أن ترفع قبعتك لأمثال الشيخ الغنوشي، وأن تعتذر له عما وصفته به من قبل.طه سعيد- الجزائرأولا: أنا لا أسيء للغنوشي أو غيره من الإسلاميين إلا عندما يحشرون أنوفهم في الشأن الجزائري الداخلي الخاص.ثانيا: لمعلوماتك يا أخي طه أنني أول من رحّب بلجوء الغنوشي إلى الجزائر كلاجئ في بداية التسعينيات، بل وسافرت مع رئيس الحكومة غزالي سنة 1991 في زيارة خاصة لإبلاغ الرئيس بن علي رغبة الرئيس الشاذلي بعدم تنفيذ حكم الإعدام في رفقاء الغنوشي التسعة.. وكان الأمر بنصيحة من العظيم مهري.. لكن الغنوشي آنذاك لم يحترم حسن الضيافة في الجزائر، وسافر إلى المغرب وصرح من هناك بما صرّح به، واعتبر آنذاك تدخلا في الشأن الداخلي الجزائري.. وكتبت وقتها في جريدة ”المساء” أدعو إلى مغادرته الجزائر، لأنه لم يحترم واجب التحفظ كضيف سياسي في الجزائر. فقد اعتُبر تصريحه في المغرب ”كبّا للزيت على نار الجزائر”.. وبالفعل أبعد من الجزائر بسبب هذا التصريح.وعندما وصل إلى الحكم في تونس لم تتحفظ عليه الجزائر، بل وساعدت حكومته بالمال.. وهو ما اعترف به هو شخصيا عند زيارته للجزائر.. وزار بالمناسبة جريدة ”الخبر” في جلسة ”فطور الصباح” وقابلته لأول مرة وجها لوجه.. وقال ما فهمت منه أنه لوم لي على ما كتبته ضده في 1991 بمناسبة تصريحه في المغرب.. لكن للأمانة فهمت منه أنه نادم على ذلك التصريح، والاعتراف بالخطأ فضيلة.. ومثلما يدافع هو عن بلده ولا يريدها أن تغرق في الدماء، أدافع أنا أيضا عن بلدي ولا أريدها أن تغرق في الدماء.. وكل الناس تعرف أنني كنت ضد توقيف المسار الانتخابي سنة 1992، ولكن كنت أيضا ضد لجوء الإسلاميين إلى العنف، لأن الدفاع عن الحق المسلوب لا يكون بالقتل والعنف والدماء الذي عرفنا نتائجه فيما بعد.ثالثا: أما القرضاوي فليس لي به أي علاقة ولا أنتقده إلا بقدر أخطائه، فهو داعية استخدم تأثيره في أمور سلبية مع الأسف، دعا إلى العنف في ليبيا، وقتل القذافي والبوطي، وهو أمر لا يليق بعالم دين، فالعنف في ليبيا كانت آثاره المدمرة على أمن بلدنا الجزائر، وتيڤنتورين أبرز مظاهر هذه الأخطار.. فالعنف في ليبيا لم يضرب مصانع الغاز التي ”يرضع” منها القرضاوي وأمثاله، بل ضرب خبز الجزائريين في صحراء الجزائر.. فهل ألام على الدفاع عن أمن بلدي ضد هؤلاء؟!يا أخي طه سعيد لو كان المجال يتسع لذكرت لك حجم الأضرار التي ألحقها الإسلاميون برعونتهم بالإسلام قبل أن يلحقوها بالنظام الفاسد.. لذلك فأنا دائما أدعو إلى التعقل وأتمنى الخير من أي جهة كانت. وما أُنجز في تونس ليس للغنوشي وحده، بل حتى حكمة العلمانيين لها دورها.هل يرضيك ما يحصل في مصر الشقيقة؟ فإذا كان العسكر ظلمة، فهل كان من الحكمة أن يواجه الظلم بالعنف؟! الغنوشي استفاد من تجربة الجزائر ومن تجربة مصر.. وهذا في حد ذاته أمر جيد ويحسب له[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات