ما يحدث في غرداية أصبح أكثر من خطير، وليتذكر حكام هذا البلد أن دارفور التي أتعبت السودان والعالم بدأت هكذا بمناوشة بسيطة بين مواطنين وبدأت كخلاف حول مراع.. وأصبحت الآن قضية دولية عجزت حتى الأمم المتحدة عن حلها.!التعفن الذي تركت السلطة هذه المدينة تغرق فيه لا يخدم أي جهة من المتصارعين على السلطة في إطار العهدة الرابعة.! إذا ما كانت حكاية أحداث غرداية لها علاقة بما يشيعه بعض المعتوهين من أن الأمر يتعلق بالصراع بين أجنحة السلطة حول موضوع الرئاسة.!الحقيقة أن التعفن الذي تكون السلطة قد تعمّدته لا يتعلق بالصراع حول الرئاسيات، بل يتعلق أساسا بنتائج الفراغ المؤسساتي للدولة.. فلو كان الرئيس قادرا على مباشرة مهامه صحيا لتنقل إلى هناك وعقد مجلس الوزراء هناك ولا يغادر المنطقة إلا إذا حل المشكلة.!يخطئ من يعتقد أن قضية غرداية يمكن أن تعالج بالشرطة والدرك أو تعالج بالأموال التي يوزعها سلال على المحتجين وغير المحتجين.!القضية يجب أن تعالج بإجراءات جدية تذهب بالأساس إلى جذور المشاكل، وهذا النوع من المعالجة لا يمكن أن ينجز من طرف مؤسسات الدولة الغائبة وخاصة الرئاسة.يجب أن تفهم السلطة أن سكان وادي ميزاب لم يعودوا أولئك الذين يبيعون (البولونات) في المدن أو الأحياء الشعبية، بل أصبحوا نموذجا للمجتمع المتماسك ثقافيا وحضاريا والأكثر انفتاحا بما يتطلبه الانتفاح.!شباب ميزاب أصبح يسبح في العالم عبر الإنترنت، وهو يرفض الحڤرة والظلم تماما وبنفس القوة التي رفض بها آباؤه الحڤرة والظلم في عهد الاستعمار.!ما يحدث في غرداية هو أكثر من حالة أمنية يمكن أن تعالج بالأمن المكثف أو تعالج بضرب “النّح” وترك الأوضاع تتعفن عقابا للمحتجين..!يجب أن تعترف السلطة بأنها فشلت فشلا ذريعا في معالجة هذه الفتنة، بل ساهمت برداءتها في إذكائها عبر المعالجات الخاطئة سواء بالانحياز إلى جهة على حساب جهة أو اعتبار ما يحدث مسألة أرض ومال.. أو اعتبار الأمر مجرد “هوشة” محلية لها امتدادات وطنية لها علاقة بالرئاسيات.غياب الدولة وغياب رجال الدين ورجال السياسة يكشف عن خلل رهيب سببه بالتأكيد غياب الرئيس عن الفعل المؤثر طوال هذه المدة التي قاربت العام.. فهل يمكن أن يتصور دعاة العهدة الرابعة حالة الجزائر وهو تسيّر بغياب الرئيس لخمس سنوات قادمة!؟
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات