في التعديل الوزاري الأخير أُحدثت وزارة كاملة للإصلاح الإداري، وقامت الحكومة الجديدة بزرع الأمل في إنهاء معاناة الجزائريين مع الرداءة الإدارية. لكن الواقع يقول: إن المعاناة قد زادت.. وإليكم نموذجا من هذه المعاناة التي وددت أن أكتب عنها بمداد من وادي الحراش أكرمكم اللّه.في شهر أوت من عام 2012 قامت مصالح مديرية التربية الوطنية لولاية الجزائر بتنظيم مسابقة لتوظيف أساتذة في التعليم الثانوي والمتوسط الابتدائي على أساس الشهادة، وتمت المسابقة ونجح من نجح وتم رسكلة الناجحين مهنيا، وتم تعيينهم في الوظائف التي خصصت لهم، وباشروا أعمالهم لمدة سنة تقريبا، ولكن بعد سنة فوجئ هؤلاء وعددهم أكثر من مئة موظف بإلغاء تعييناتهم وتحويل بعضهم إلى مستخلفين، والحجة أن ”الرقابة البعدية” للوظيف العمومي وجدت مخالفات قانونية في المسابقة التوظيف استدعت -حسبهم- إلغاء العملية. وأكثر من هذا طالبت وزارة المالية المعنيين بإعادة الأموال التي صرفت لهم كرواتب مدة سنة، بحجة أن تعيينهم غير قانوني.. وبالتالي فأجورهم غير قانونية.المصيبة أن مصالح الرقابة البعدية للوظيف العمومي بررت قرارها بإلغاء توظيف هؤلاء بعد سنة من الممارسة بثلاث حجج:1- عدم تطابق كشوف تنقيط المعايير مع الوثائق الإدارية الخاصة بالمترشحين2- عدم حيازة بعض الناجحين على الشهادات المنصوص عليها في القرار الوزاري3- عدم إمضاء شهادات العمل من قِبل السلطة المخولة قانونا (أي واللّه حدث هذا)هكذا واللّه عوقب هؤلاء المساكين على خطأ قامت به الإدارة، فعوض أن تعاقب الدولة (الوظيف العمومي) من ارتكب هذه الأخطاء في مديرية التربية عاقبت الموظفين الذين كانوا ضحايا هذه الأخطاء! هذا هو الإصلاح الذي جاءت به الحكومة التي صدّعت الشعب بالحديث عن حل مشاكل المواطنين الإدارية.كيف تتصورون جدية حكومة تدفع للبطالين حقهم في البطالة، وتطلب ممن عمل كموظف مدة سنة بأن يعيد الأجر الذي تقاضاه عن العمل الذي قام به، لأن الأمر يتعلق بخطأ إداري ارتكبته الإدارة في احترام إجراءات التوظيف، ومثل هذه المهازل لا تقع إلا في الإدارة الجزائرية.القضية الآن أمام العدالة.. وأقسم باللّه لو كنت قاضيا ورفعت أمامي هذه الفضية لأمرت بإيداع مدير التربية ومدير الوظيف العمومي الحبس بتهمة الإهمال والعبث بمصالح الدولة والمواطنين؟!الحق يقال إن الوضع الإداري الجزائري لم يعد قابلا للإصلاح، بل لابد للدولة من سكب أطنان من مادة روح الملح في الأجهزة الإدارية للدولة لإزالة أدران الرداءة والفساد[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات