تصرفات الحكومة الجزائرية مع قضايا الوطن عامة والجنوب خاصة، أصبحت تشكل أخطرا أكيدا على الوحدة الوطنية، وهذا الخطر هو الآن أخطر من كارثة الإرهاب التي عرفتها البلاد خلال العشرية الحمراء:أولا: الإرهاب في العشرية الحمراء كان صراعا دمويا له عناوين سياسية وطنية، ولم يكن يستهدف المتصارعون المساس بالوحدة الوطنية، فالصراع كان دمويا ويهدف إلى الاستيلاء على الحكم، كل الحكم وليس جهة بعينها.. أي أن الطبيعة الصراعية كانت وطنية، ولذلك لم يهدد الإرهاب الوحدة الوطنية رغم أنه هدد في العمق استقرار البلاد ونموها الاقتصادي.ثانيا: المزالق الحالية التي تتدحرج نحوها قضية احتجاجات الجنوب تهدد فعلا الوحدة الوطنية بسبب تصرف الحكومة في معالجة قضايا هذه المنطقة، المشروعة في عمومها، وفي أكثر مطالبها تطرفا.ليس هناك ما هو أشد خطرا على الوحدة الوطنية قدر إحساس جهة من الجهات أو مجموعة من الناس بالظلم والحڤرة والتهميش.فهذه كلها عوامل محفزة على تحول المطالب المادية إلى أخرى سياسية.ثالثا: نذكر كيف تحول الإحساس بالغبن والظلم في إقليم جوبا في جنوب السودان إلى حركة عارمة تطالب بالانفصال وتعبئ الشعب لتحقيق هذا الهدف، لقد كان الأمر في البداية احتجاجات بسيطة مثل التي تحدث الآن في جنوب البلاد، وتتعلق الاحتجاجات بتقاسم الثروة والسلطة مع الشمال.. ولكنها في الأخير تحولت إلى ما تحولت إليه الآن.دارفور أيضا بدأت باحتجاجات مطلبية بسيطة، ثم تحولت إلى أزمة عارمة أخذت أبعادا دولية.. وقد ساعد على حدوث ذلك أن السلطة في السودان تلكأت في معالجة الموضوع معالجة جدية.. تماما مثلما تفعله الحكومة الجزائرية البائسة الآن في أحداث غرداية وعين صالح وتڤرت وتمنراست.منطقة بيافر في نيجيريا مرت أيضا بهذا الممر في الستينيات والسبعينيات.. ونفس الشيء حدث لبنغلاداش مع باكستان في بداية السبعينيات، والأمر نفسه حدث لمالي وحكاية الشمال.. وأدت إلى التدويل.لهذا فالمعارضة على حق حين تقول إن السلطة الحالية (الحكومة) أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على الأمن والسلم والوحدة الترابية للبلاد، وأن التغيير السريع هو الحل[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات