بعض القراء على حق حين يتهمونني بالجبن والهرب إلى قضايا الشرق الأوسط وأترك الحديث عن المحن التي تعيشها الجزائر هذه الأيام وخاصة محنة غرداية..وأصدقكم القول أنني مصدوم من مثل هذه الأحداث، ولكن صدمت أكثر من الطريقة التي عالجت بها السلطة هذه المحنة.لم أستطع أن أكتب في الموضوع لأنني لا أعرف بالضبط ماذا يحدث ولماذا يحدث ولصالح من يحدث هذا ويحدث في منطقة هي “صرة” الجزائر في منطقة سكانها أكثر صفاء ونقاء وأكثر عملا وأقل فسادا.لم أفهم لماذا أصبحت هذه المنطقة تعيش ما تعيشه اليوم من أحداث مؤلمة ومؤسفة وهي التي كانت نموذجا وطنيا للتماسك الاجتماعي والصفاء الثقافي الحضاري؟منذ سنوات كتبت أن هذه المنطقة أنجبت مفدي زكريا شاعر الثورة وصاحب نشيد قسما الذي “يڤردف” كل الوطنيين الجزائريين منذ 60 سنة وأنجبت صالح خرفي صاحب روائع وردة في الغناء الوطني.. يا حبيبي ذكريات الأمس لم تبرح خيالي.. وصاحب أغنية من بعيد أدعوك يا أملي..غرداية قلب الجزائر النابض بالوطنية تصبح.. هكذا.. من أوصلها إلى ما هي عليه؟ ألا يعتبر هذا عبارة عن نبش لقبر مفدي زكريا وصالح خرفي والشيخ بيوض؟!في منطقة القبائل عندما ارتكبت السلطة ما ارتكبته من مظالم طالب السكان برحيل رجال الدرك من هناك.. واليوم يطالب سكان غرداية برحيل رجال الشرطة من غرداية ويطالبون بتعويضهم بالدرك!أنا لا أملك معطيات حول هذا القرار الذي اتخذه السكان.. لكن أشم فيه رائحة مظلمة قد يكون ارتكبها هذا الجهاز الذي يطالب السكان برحيله..! والدولة العادلة والسلطة النبيهة هي التي تتحسس مطالب المواطنين.. ولا أعتقد أن السلطة قامت بواجبها في هذا المجال.وفي جميع الحالات لا يمكن أن يكون سكان غرداية المعرفون بحكمتهم ونباهتهم ووطنيتهم قد لجأوا هكذا إلى تخريب بلدتهم من باب “يخربون بيوتهم بأيديهم”!فإذا فقد الغرداويون صوابهم فذاك يعني أن المظالم التي يحتجون عليها قد بلغت الجبال.. ولا مجال للمكابرة، ويجب أن تتحمّل السلطة مسؤولياتها كاملة.تتحجج السلطة بالقول: إن الأحداث لها خلفيات سياسية من خارج المنطقة هو في النهاية قول يدين السلطة قبل أن يدين من تحاول السلطة إدانته بهذا القول.. أين كانت السلطة التي تقول هذا الكلام حين تسلل هذا الذي تدينه السلطة إلى هذه المدينة الآمنة ليفعل بها ما يفعل؟! وهل السلطة سلطة والوزير الأول يزور المنطقة ولا يتمكن من حل المشاكل؟!هذا هو السبب الذي جعلني لا أستطيع أن أكتب ولا أستطيع حتى أن أبكي ما يحدث في مدينة هي “صرة” الوطن وسريرته الصافية.!
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات