البلاد لا تحتاج إلى حوار بين أشباه السياسيين حول موضوع الدستور، بل تحتاج إلى تجديد سياسي لكل هذه الأشكال المنحرفة سياسيا في السلطة وفي الأحزاب وفي النخب والتي أوصلت البلاد إلى ما هي فيه الآن!1 - البلد في حاجة إلى قرار سياسي شجاع يتماشى مع ما يجري في الشارع من غليان سياسي، مطالبه واضحة أساسها إعادة السلطة للشعب. فالحوار حول الدستور وحول غيره من الموضوعات هو التفاف على مطالب ثورة الشعب. فالانتخابات الحرة يمكن أن تجري حتى من دون قوانين ومن دون دستور، لأنها قرار سياسي وليس قوانين... والانتخابات غير الحرة لا يمكن أن نجعلها حرة بالقانون وبالدستور... وتجربتنا في تزوير الانتخابات قائمة!2 - ثورة الشعب الحاصلة في الشارع تطالب برحيل رموز الفساد في النظام وفي الأحزاب السياسية الموالية والمعارضة سواء بسواء وفي النخب الفاسدة أيضا.. والمطلوب هو اختفاء هذه الوجوه البائسة من الحياة السياسية ولا ينفع فيها تغيير حكومة بأخرى، ولا تغيير الأرندي لاسمه، ولا تغيير الأفالان لواجهته السياسية القيادية، ولا حتى بتغييرات للقوانين والدستور.3 - ففي الإعلام مثلا يعرف الزميل بلحيمر، الوزير الجديد، أن الأمر في هذا القطاع لا يتعلق بتغيير مدير التلفزة والإذاعة، وتغيير رئيس سلطة الضبط، أو تغيير مدير وكالة الأبناء، أو حتى فتح حوار حول أداء هذا القطاع، بل الأمر يتعلق أساسا بقرارات سياسية تتخذ حتى في إطار القوانين الحالية، تتعلق بفتح المجال الإعلامي العام والخاص، فالأمر يتعلق بقرار سياسي بالدرجة الأولى يخص تحويل الإعلام العمومي إلى إعلام عمومي حقيقة، وليس إعلاما حكوميا كما هو الحال الآن، وهذا يمكن أن يتحقق بقرار وليس بحوار، وقد لاحظنا كيف تحقق هذا جزئيا في 1989، بعد الانفتاح الذي حصل في البلاد.الحرية في الإعلام لم تعد ترفا إعلاميا، بل هي ضرورة وطنية لتحسين الحكامة وتعميم الشفافية في تسيير البلاد ومحاصرة الرداءة والفساد... والصورة التي يسير بها قطاع الإعلام حاليا هي تعطيل لجزء حيوي من مقدرات البلاد في تحسين التسيير للشأن العام. مشكلة الإعلام الجزائري ليست في المساس بالحياة الخاصة للمسؤولين عن تسيير البلاد، بل المشكلة تكمن أساسا في عدم أداء الإعلام لدوره العمومي وتحوله إلى بوق حكومي لا يخدم البلاد ولا الحكومة. فالإعلام القوي الذي يحاصر الفساد وسوء تسيير البلاد، هو قوة للحكومة وليس إضعافا لها، كما يتصور أشباه الحكام وأشباه الإعلاميين الآن.4 - لهذا فإن إعادة النظر في السلطة وفي الأحزاب وفي الإعلام، بناء على هذه الأسس، أصبح ضرورة وطنية حياتية وليس ترفا إعلاميا وسياسيا... فالمطلوب هو تغيير الساحة السياسية كلية[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات