المعارضة الديمقراطية تريد حفظ ماء الوجه سياسيا بتنظيم ما تسميه جلسات البديل الديمقراطي لما تطرحه السلطة.. ومسعى هذه المعارضة، رغم بريقه، إلا أنه شطحة ديمقراطية الهدف منها البحث عن موقع قدم في الساحة السياسية المقبلة، إذا نجحت السلطة في فرض الأمر الواقع على الشعب الثائر في الشوارع، و”بلعطته” من جديد بوهم الحوار السياسي؟!هذا التطور من المعارضة اليسارية لا يختلف في جوهره عما تطرحه المعارضة الإسلامية المدجنة... حيث تبحث هي الأخرى عن حوار مع السلطة تعيد به ترتيب أوضاعها في ما يستقبل من تطورات قد تأتي بها السلطة تحت ضغط الشارع الذي لا يبدو أنه يمكن أن يسلّم بالأمر الواقع!كل الناس يعرفون أن أي حوار مع هذه السلطة بالأشكال والأطر والمحتوى الذي تطرحه على المعارضة المدجنة (إسلامية ويسارية) هي تكرار لما حصل قبل سنوات ولا شيء جديد في الموضوع.تتذكرون أن هذه المعارضات اليسارية والإسلامية المدجنة هي التي صوتت لصالح تعديل الدستور سنة 2008 بفتح العهدات أو امتنعت في أحسن الحالات بانتهازية برلمانية عجيبة وغريبة. اليسار قنع بفتات دسترة مسائل الهوية، والإسلاميون قنعوا بفتات التواجد في البرلمان والحكومة مقابل سحب الحق في التغيير كما ينص على ذلك الدستور؟!وتتذكرون أيضا أن المعارضة بمختلف توجهاتها أصبحت تتسابق إلى ما تسميه بالإجماع الوطني والحوار مع السلطة بعد تمرير عهدة (الكادر) في 2014، وهو ما شجع السلطة على تعديل الدستور بما تراه مناسبا في 2016، ولم تعارض المعارضة هذا المسعى السلطوي بصورة جدية، فلا انسحاب من البرلمان ولا مظاهرات انطلقت ضد تشويه الدستور... وكل ما هنالك هو البقاء في مؤسسات شكلية تسمى البرلمان!اليوم أيضا نشم رائحة إعادة الأمر نفسه مع السلطة فيما يسمى بتعديل الدستور الذي تطرحه السلطة لتفكك به الآلة السياسية الشعبية التي تسمى الحراك.وواضح أن المعارضة بكل توجهاتها تتفق مع السلطة بأن الحراك الذي يطالب بتغيير النظام هو خطر على النظام وعلى المعارضة أيضا.. ولهذا تتفق المعارضة مع السلطة على التعاون ضد الحراك لتفكيكه!ثورة الشعب عليها أن تتجذر في مطالبها ومنها المطلب بإعادة صياغة الحياة السياسية كاملة بما فيها حكاية هذه المعارضة الفاسدة... فمثلما لا يمكن الركون إلى سلطة فاسدة لإجراء إصلاحات مقبولة، لا يمكن الركون إلى معارضة باعت (الماتش) عدة مرات.الحراك يمكن أن يرتاح إلى أحزاب المعارضة المدجنة إذا قامت قواعد هذه الأحزاب بثورة حقيقية شبابية ضد قيادات هذه الأحزاب، وفعلت بها ما فعل الحراك بالسلطة حتى الآن. لا يمكن للسياسيين الفاشلين في المعارضة أن ينجزوا حوارا جديا مع سياسيين أفشل منهم في السلطة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات