السلطة شر أعمالها في علاقاتها مع الحراك، فلم تجد مع من تتحدث.. وثورة الشعب حفظ شبابها هذا الدرس في علاقتهم بالسلطة! فتعيين قيادات لهذه الثورة فهمه الشباب الثائر أنه يمكن أن يؤدي إلى احتواء السلطة لهذه القيادات، سواء بالترغيب أو الترهيب، تماما مثلما حدث لحركة العروش في منطقة القبائل قبل 18 سنة من الآن.لهذا لجأ الشباب إلى إقرار قيادة جماعية لثورة الشعب، بحيث لا تتمكن السلطة من تحديد رأس هذه الثورة، وهي حالة اقتبسها الشباب من ثورة أول نوفمبر سنة 1954، فقد بقيت هذه الثورة بلا قيادة حتى انعقد مؤتمر الصومام وظهرت قيادة الثورة، وقتها أصبح استقلال الجزائر مسألة وقت فقط.في صفوف الشعب، أصبح الاستقلال أمرا واقعا تؤمن به حتى العجائز في القرى والجبال، والطبقة السياسية الجزائرية المترددة انضمت هي الأخرى فرادى إلى الثورة، وحل قادتها جميع الأحزاب. الآن قد يتكرر السيناريو نفسه مع سقوط حكومة بدوي وانتهاء مهام بن صالح ومجيء حكومة تبون، وقد أصبح الشارع الجزائري يعتبر مسألة التغيير مسألة وقت من أجل تحقيق أهداف الثورة الشعبية الثانية بعد ثورة أول نوفمبر. وقد تحتاج سلطة تبون إلى وقت آخر لكي تسلم بحق الشعب في جني ثمار ما ثار من أجله. وقد تفهم بقايا الأحزاب والحزيبات والمؤسسات البائسة أن عليها أن تمزق اعتماداتها وتنضم إلى ثورة الشعب بلا قيد أو شرط! فالهياكل السياسية والمؤسساتية الموجودة لم تعد قادرة على استيعاب أي تغيير جديد يلبي رغبة الشعب في التغيير الجذري في الأطر القانونية والمؤسساتية الموجودة.ومسألة المراهنة على خلخلة تماسك المحتجين في ثورتهم الهادئة، من خلال تقسيمهم بالممثلين في الحوار المعلن، هي لعبة بائسة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات