بدأت المخاطر الحقيقية تظهر إلى الوجود في الشارع الجزائري، فالسلطة دفعت بسياسة المواجهة بين الجزائريين في الشارع، مستغلة الانقسام السياسي حول طريقة تنظيم الانتخابات وإحداث التحول الذي يطالب به الشعب في ثورته السلمية، واستغلت السلطة هذا الانقسام البسيط ونمته وطورته ليصبح خطرا حقيقيا يحدق بالبلاد ويساهم بالبقاء في السلطة إلى ما لا نهاية..1 - الأحداث الأخيرة في عدة مدن بين المواطنين تدل على أن السلطة هي المسؤول الأول عن هذه الأحداث، كونها نقلت بالحافلات وبالضغوط على الموظفين في الإدارات والمصالح الاقتصادية مجموعات للتظاهر مع الانتخابات ضد عموم الشعب الذي يتظاهر كل جمعة ضد الانتخابات بالوجوه الموجودة في السلطة من النظام السابق، وقد أبانت هذه المظاهرات المؤيدة للسلطة والانتخابات عن تدهور رهيب في شعبية السلطة، ما كان للسلطة أن تقامر بإظهاره للناس.2 - الظاهرة المثيرة أن التيار الذي كان يتمتع بالأغلبية في صفوف الشعب قد أصبح أقلية الأقلية، حين اصطف خلف النظام لدعمه في الانتخابات القادمة، وقد تبين من خلال نوعية وحجم المسيرات التي دعت إلى تنظيمها السلطة مناكفة لمظاهرات الحراك، خطأ دفع الجزائريين إلى المواجهة في الشارع وقد يتحول إلى خطيئة؟!3 - الغريب أن التيار العلماني الذي كان في التسعينات يمثل أقلية الأقلية، كانت شعبيته أكثر بكثير من التيار الموالي للسلطة اليوم. قارنوا المسيرات العفوية التي كانت تنظمها الإدارة والأمن في التسعينات لتأييد الانتخابات الرئاسية لزروال، وبين المظاهرات التي تنظمها اليوم نفس الجهات لصالح الانتخابات الرئاسية، قارنوا ذلك وأنتم تعرفون!4 - ومعنى هذا الكلام أن النظام السياسي في البلاد فقد شعبيته بصورة كبيرة، وأن من يصطف خلفه يتحول إلى أقلية حتى ولو كان أغلبية. حدث هذا للديمقراطيين النوفمبريين الذين كانوا أغلبية بعد أحداث أكتوبر، ثم تحولوا إلى أقلية في 1992، حين اصطفوا وراء النظام، ويحدث هذا اليوم للذين اصطفوا خلف النظام في موضوع الرئاسيات!5 - هذه الوضعية حوّلت الديمقراطيين العلمانيين إلى باديسيين نوفمبريين من حيث التفاف الشعب حولهم.. وحوّلت أنصار الانتخابات مع السلطة إلى أقلية الأقلية.6 - المواجهة بين الجزائريين في الشوارع التي يروّج لها ستؤدي لا محالة إلى التعجيل برحيل النظام، وقد لعب المصريون هذه اللعبة وهم الآن يحصدون ثمارها المرة إلى اليوم.. فعالم اليوم لم يعد يسمح للسلطة بأن تتهم الناس بالإرهاب أو العمالة للخارج أو حتى المساس بالأمن الداخلي، لأنه لم يعد بالإمكان إنجاز الاستبداد في بلد مغلق والسماوات مفتوحة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات