يقول كريم يونس، رئيس لجنة الحوار: “إن اللجنة اجتمعت إلى ما يزيد عن 23 حزبا و6 آلاف شخص وجمعية من المجتمع المدني في الحوار الذي باشرته”!واضح أن هذه الأرقام مأخوذة من مسودة اللجنة الوطنية للحملة الانتخابية للرئيس المبعد بوتفليقة. فقد قال رئيس هذه اللجنة، وقتها على سلم المجلس الدستوري، إن لجنته جمعت عددا مهولا من التوقيعات لفائدة بوتفليقة وأن اللجنة تضم أكثر من 20 حزبا سياسيا معتمدا التحق بالعهدة الخامسة!هل معنى هذا الكلام أن جماعة العهدة الخامسة يريدونها اليوم من دون بوتفليقة وحشدوا لها نفس القوة السياسية الانتهازية التي كانت تطبل وتشيد بالعهدة الخامسة بالمال العام المنهوب من الخواص! وإذا كان الأمر كذلك مع لجنة كريم يونس، فإن وقائع الفساد السياسي ما تزال سارية وأن هذا الفساد السياسي هو أصل كل فساد آخر!1 - لو كانت السلطة جدية في محاربة الفساد لبدأت بمحاربة الفساد السياسي أصل كل فساد آخر، فمثلا كان عليها أن تفتح ملف الفساد السياسي من خلال تسليط ضوء العدالة على الأموال التي ضختها السلطة بهذه الطريقة أو بالأخرى لفائدة الأحزاب التي هي امتداد لأحزاب التحالف الرئاسي، وأيضا تسليط الضوء على الأموال التي ضختها مختلف الوزارات لجمعيات المجتمع المدني المشبوهة والتي تخصصت في دعم فساد السلطة السياسية في البلاد.المسؤولون في السلطة يتصاككون ويصك بعضهم بعضا، في حين يتعانق شباب الحراك في المسيرات.2 - هل من الصدفة أن هذه الأحزاب والجمعيات والشخصيات هي نفسها التي شاركت في دعم العهدات الرئاسية المختلفة، وهي نفسها التي شاركت في الحوار الذي قاده أويحيى وبن صالح لتغيير الدستور سنة 2016، وهي نفسها التي شاركت وتشارك في الحوار الذي أطلقه كريم يونس بمباركة من شبه السلطة القائمة على رأس البلاد.3 - أصدقكم القول أنني عندما شاهدت تلك الوجوه الحالكة وهي تصور في جلسات الحوار مع لجنة كريم يونس، تذكرت ذلك الخجل الذي يبدو على وجوه الذين كانوا يدعون الشعب إلى انتخاب المرشحين للبلديات سنة 1958. ذاكرتي الطفولية ما تزال تحتفظ بتلك الصورة، ففي الوقت الذي يعلن فيه الشباب الحر في مظاهرات الحراك عن رأيه وهو يضحك ويفرح في الشوارع، يخجل هؤلاء الشباب في الجهة المقابلة مما يفعل في قاعات الحوار المفبرك.4 - بعض هؤلاء الشباب المفبرك يردد أسطوانة أنه إذا لم تجر الانتخابات ستكون الفتنة، والواقع أن رجال السلطة يتصارعون ويصك بعضهم بعضا، لكن شباب الحراك يتظاهر بأخوة وانسجام تام.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات