عملية محاربة الفساد الجارية في البلاد كان المأمول منها أن تكون هي البرنامج السياسي لمرشح السلطة.. لكن الذي حصل هو أنها تحولت إلى برنامج مضاد للمعارضة ضد النظام القائم.. فالطريقة التي تمت بها عملية محاربة الفساد كانت غير موفقة وأعطت الانطباع بأنها عملية “انتقامية” وليست انتقائية أو انتقالية من حالة نظام فاسد إلى حالة نظام يعادي الفساد.العديد من الناس يعرفون أن عمليات فساد كبيرة تجري بعيدا عن الأعين ولا تطالها عمليات ملاحقة الفساد، وأن العديد من المسؤولين الذين تورطوا في عمليات فساد في الأشهر الأخيرة تمت ملاحقتهم سريا.. كما أن العديد من النافذين مازالوا خارج دائرة منجل الفساد.كل ملفات الفساد التي فتحت في الأشهر الستة الماضية لم تفصل فيها العدالة حتى الآن بأحكام قضائية تطمئن الشعب وتجعله يؤمن بأن “مبدأ من دار يخلص” أصبح حقيقة قائمة!بل ويتحدث البعض عن أن تأجيل الفصل في هذه القضايا لا يعود إلى صعوبة وتعقيد التحقيق في هذه الملفات، بل التأجيل قد يكون مراده الإبقاء على خط الرجعة ضد هؤلاء الفاسدين.ويتخوف الرأي العام من أن مكافحة الفساد التي تقدم اليوم على أنها عمل جليل، قد تصبح غدا من الأخطاء، لا سمح الله، وتدفع الخزينة ثمنها باهظا لتعويض هؤلاء!قد تكون العملية برمتها الهدف منها تمرير مشروع تجديد النظام لنفسه، كما يقول مقري، وبعدها كل ما تكسر يجبر بخاطره!لكن الديناميكية التي أخذتها عملية محاربة الفساد في الرأي العام وفي صفوف الشعب بات لا يمكن معها تصور الطرح الذي يقول إن هذه العملية هي مجرد لعبة لإلهاء الرأي العام في هذه المرحلة الحساسة.وحتى وإن كانت القضية مجرد لعبة، فإننا لابد أن نحولها إلى واقع لا يمكن العدول عنه... وأن لا نكتفي بملاحقة الفاسدين، بل نعمل على إرساء مؤسسات شرعية تقتلع الفساد من جذوره.. لأن قطع الرؤوس دون اقتلاع الجذور لا يحل مشكلة الفساد.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات