الواجهة المدنية للنظام، زيادة على أنها واجهة مبولسة سياسيا، هي أيضا فاقدة لأي صفة من صفات الشرعية السياسية، فالعكاز السياسي الذي استندت إليه هذه الواجهة السياسية قد تم كسره، فالأفلان والأرندي كعكاز سياسي لهؤلاء تم وضعهما على الهامش السياسي من طرف ثورة الشعب العارمة، وبالتالي فإن الواجهة السياسية التي أنتجها هذان الحزبان هي أيضا لابد أن تلحق إلى ما آل إليه نظام العصابة الراحلة التي أنتجت هذه الواجهة. فلا يعقل أن يسجن زعيم الأرندي في وقت يصبح فيه زعيمه السابق على رأس الدولة، ولا يعقل أن يبقى البرلمان برلمانا وفيه القوة السياسية الرئيسية هما الحزبان الأفالان والأرندي.المعارضة المدجنة بالفساد والانتهازية والتي أنتجت المعارضة الهزيلة في البرلمان هي الأخرى لم يعد لها وجود في الشارع الثائر، والدليل أن زعماء هذه الأحزاب لا يجرؤون على النزول إلى الشارع مع الشعب يوم الجمعة. ولهذا راحت هذه الأحزاب تتماهى مع ما يطرحه النظام من حلول سواء من خلال المشاركة في الحوار أو في لعب دور الوساطة بين الشعب المحتج والنظام، من خلال تنظيم اجتماعات ظاهرها المعارضة وباطنها تقديم خدمة بالتشويش على حراك الشارع.حتى الإعلام المشبوه الذي تكونت وسائله العامة والخاصة في “حجر” السلطة، هو أيضا يجب أن يرحل مع النظام ومع رموز النظام.والحل هو وضع ترتيبات جدية لإعادة بناء حياة سياسية وإعلامية ونظم حكم جديدة كل الجدة على علامة بما هو قائم. ومعنى هذا الكلام أن المطروح اليوم هو تغيير كل ما هو قائم ولا يمكن إصلاح ما هو قائم، لأن ما هو قائم وصل إلى مرحلة متقدمة من الفساد لم يعد ممكنا معه أي إصلاح.لا يمكن حل مشاكل البلاد الحالية دون إعادة صياغة الحياة السياسية والإعلامية والأمنية والإدارية، وهذا معناه أن ما هو قائم الآن من أسس للنظام لا يضمن إصلاحا حقيقيا يوفر للبلاد إقلاعا حقيقيا، فالبلد بحاجة إلى تغيير النظام وليس في حاجة فقط إلى تغيير الرئيس، وتصوروا رئيسا ينتخب بالتزوير المادي والمعنوي ويقود مؤسسات سياسية وإدارية مهترئة، كما هو الحال الآن، هل باستطاعته أن يفعل شيئا!؟
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات