رغم ما حققه الحراك من نتائج، إلا أنني أعتبره قد أخطأ عندما أصر على رحيل الباءات من ناحيتين:1 - يعلم الجميع أن هذه الباءات ما هي إلا أداة، وبالتالي الإصرار على رحيلها أراه قضية هامشية بلا جدية ولا جدوى وموقفا معارضا للدستور.2 - جميع الثورات التي سبقتنا إلى الانتقال الديمقراطي بدءا بدول أمريكا اللاتينية ثم أوروبا الشرقية وأخيرا جيراننا تونس ومصر، مرورا بمراحل بينية تولى فيها التسيير رجال من النظام السابق، في مصر تولى الأمر المشير الطنطاوي الرئاسة لمدة سنة ولم يعترض عليه أصحاب ثورة 25 جانفي، ولم يقولوا هذا من رجال مبارك بل تركوه ينجز التحول، وفي تونس تولى الأمر في البلاد فؤاد لمبزع بمقتضى الدستور، وقبل التوانسة بذلك، رغم أنه من مقربي بن علي، فاستغل الثوار الزخم الجماهيري للضغط من أجل تنظيم انتخابات نزيهة ومراجعة الدستور، وكان لهم ذلك ولم يتهموا السلطة مسبقا بالتزوير، لأن السياسة ممارسات وليست نوايا. وفي مصر نظمت انتخابات نزيهة فاز بها مرسي، رحمه الله، وتونس كذلك، لأن الزمن في صالح الثورة، ليس زمن التزوير أو الفساد أو عزوف الشعب عن التصويت كما حدث عندنا في انتخابات 1991 و1992، ولنفرض أن انتخابات 4 جويلية قد زورت، على الشعب أن ينتفض من جديد، كما حدث في كينيا أو أوكرانيا وفنزويلا، هل يعتقد الحراك أنه بمجرد إجراء انتخابات نزيهة تعتزل الرداءة والفساد السياسة وتتقاعد؟!فلو وجه الحراك مجهوداته ومطالبه بتشكيل لجنة انتخابات من وجوه نظيفة لكان ذلك أفضل واختصرنا بذلك الوقت، لأن إطالة الحراك غير محبذ وغير مضمون العواقب. أما النقطة التي حيرتني فهي رفع بعض الشعارات في الحراك تطالب بتفعيل المادة 7 و8 من الدستور اللتين تنصان في جوهرهما على أن السلطة للشعب ويجسدها باختيار ممثليه عبر الانتخابات والاستفتاءات، ثم هم يطالبون بوجوه معينة (رجعنا إلى رجل الإجماع) وضعها على رأس الدولة، أليس هذا تناقضا من وجهة نظر ديمقراطية، نحن نطالب بمستقبل زاهر للبلاد، فوجدنا أنفسنا ننقب عمن سكن البلاد في التاريخ الغابر أول الدهر.خالد ميهي: الجنوب
1 - هذا أيضا رأي يا خالد، ولكن ألا ترى أن الطريق الذي سلكه المصريون والتوانسة أوصلهم إلى ما هم فيه الآن.. والمنطق يقول إن الجزائريين أظهروا نضجا أكثر من التوانسة والمصريين ويجب ألا يسقطوا في أخطائهم.2 - أوافقك الرأي أن الانتخابات النزيهة هي إرادة سياسية وليست قوانين ولجانا، ولكن نوايا تزوير إرادة الشعب مثل ما حدث في 1999 أصبحت واضحة ومكشوفة ولا مجال لنكرانها، وليس من النباهة السياسية للحراك أن يسمح للسلطة بإعادة نفس الأخطاء.3 - بلادنا تعاني من أزمة حادة في الشرعية منذ 57 سنة، ولابد من حلها بانتخابات تأسيسية حتى لا تقع في الأزمات كلما جاءت الرئاسيات، ولو كان العمل داخل الدستور يحل هذه المعضلة لما تكررت الأزمة كل 5 سنوات عندما تطرح الرئاسيات.. هذه فرصة تاريخية لحل مسألة الشرعية من الأساس، سواء بانتخاب رئيس أولا أو انتخاب مجلس تأسيسي أولا.. المهم أن نكرس إرادة الشعب هذه المرة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات