الجيش الوطني الشعبي في عين الإعصار، ومن وضعه في هذه الوضعية هم أعداؤه الذين يدّعون أنهم حلفاؤه! هؤلاء يقدمون الجيش كوصي على الشعب القاصر، وفي الحقيقة أنهم مدنيون يقدمون أنفسهم باسم الجيش أوصياء على الشعب الذي يعتقدون أنه مازال قاصرا سياسيا ولا يستطيع ممارسة حقه في أن يكون مصدر السلطة وصاحب السيادة:1- في 1962 حل الجيش باسم هؤلاء محل الشعب في تقرير مصيره بنفسه، وكانت الحجة منع نشوب حرب أهلية في سياق الصراعات على استلام السلطة من المحتل بعد مفاوضات إيفيان وإقرار الاستقلال.2- في 1967 تقرر إبعاد الشعب من أي عملية سياسية تؤدي إلى انتخابات تؤسس لمؤسسات منتخبة يكرس فيها الشعب إرادته. وقالوا وقتها إن النخب باسم الجيش هي المؤهلة لقيادة التنمية، وهي ضرورة أهم من الانتخابات وتكريس سيادة الشعب.3- في 1979 قالوا إن الشعب غير ناضج لبناء مؤسساته، وبالتالي فإن الجيش هو المؤسسة الوحيدة الناضجة التي ينبغي أن تستند لها مهمة قيادة مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، وحدث ما حدث بعد تعيين العقيد الشاذلي على رأس الدولة على أنه رئيس الجمهورية. لكن أزمة أكتوبر 88 أدت إلى فتح أعين الشعب على الحقيقة، وأن الناس تحكم باسم الشعب وعبر الجيش. فحدث ما حدث في 1992.4- الآن وبعد ما أبداه الشعب من نضج سياسي، ما يزال الخلق يعتقدون أن ما نفذوه في 1999 باسم الجيش وعلى حساب الشعب ما يزال صالحا للتكرار اليوم. والحقيقة أن الشعب أصبح رافضا لأي شكل من أشكال مصادرة حقه في ممارسة السيادة على بناء مؤسساته الدستورية المنتخبة، ولا بديل عن ذلك، وأن محاولات الالتفاف على هذا الطلب هو مضيعة للوقت وزج بالجيش في مهمة ليست من اختصاصه أبدا.5- التاريخ المعاصر بين لنا أن الدولة التي تحولت فيها الجيوش إلى جيوش في خدمة عصب أو أشخاص، ولم تعد جيوش دولة، قد عرفت مصيرا مأساويا سواء على مستوى الجيوش أو على مستوى القادة الذين ”شخصنوا” هذه الجيوش أو ”عصبنوها”، فالجيش العراقي لم يستطع الصمود ساعات، ليس لكونه جيشا ضعيفا فقط أمام الآلة الأمريكية ولكن لأنه تحول إلى جيش يخص صدام وليس لدولة العراق، وكذلك الأمر بالنسبة لجيش القذافي في ليبيا فلم يصمد ساعات لأنه لم يعد جيش دولة ليبيا بل أصبح جيش القذافي، ولهذا ذهبت هذه الجيوش مع ذهاب القادة وأصبحت هذه البلدان بلا جيوش. حتى الجيش السوري لم يستطع مواجهة الأخطار التي واجهت البلد لأنه تحوّل إلى جيش لأشخاص وليس لدولة وشعب سوريا، ولهذا حدث لعلاقة شعب سوريا بجيشه ما حدث.6- عندنا في الجزائر محاولات عصبنة وشخصنة الجيش الوطني هي التي كانت وراء كل المشاكل التي حلت بالجزائر.. وعندما يتحول الجيش من جيش دولة إلى جيش عصبة أو شخص أو مجموعة ضغط يصبح خطرا على أمن البلاد وأمن الشعب.لهذا فالحذر كل الحذر من إخراج الجيش من منطق الدولة إلى منطق الشخص أو الفئة أو العصابة[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات