نعم الجيش لا يمكنه إلا أن يكون جيش الشعب، يخدم قضاياه ويحتضن آماله وأمانيه، وإلا لم يعد الجيش الوطني الشعبي كما يدل عليه اسمه، بل يتحول إلى ”عسكر” والعياذ بالله. لهذا لا تتعجب من تصريحات قيادة الجيش حين تقول إنها تتبنى قضايا ومطالب الشعب وترافقه في سيرته نحو تحقيق هذه المطالب، ولا تستطيع قيادة الجيش أن لا تستجيب لمطالب الشعب المعبر عنها في المسيرات السلمية بما يعادل نصف الشعب + 1 في كل مسيرة، وإلا تحولت مواقف الجيش إلى مواقف عسكر لا علاقة لها بعنوانه كجيش للشعب! وعندها سيجد الجيش نفسه كعسكر في مواجهة الشعب! خاصة أن الجيش كعسكر عاش هذه التجربة في العشرية الحمراء، رغم أن الجيش وجد نفسه في مواجهة جزء من الشعب وليس كل الشعب كما هو حاصل الآن!لكن الموقف الرسمي للجيش من حراك الشعب المعبر عنه في البيانات العديدة الأخيرة فيها بعض الترددات التي توحي للرأي العام بأن فكرة الجيش العسكر ما تزال موجودة ولم تستعد كلية من مشروع العلاقة بين الجيش والشعب في حراكه ومطالبه، وهذا هو بيت القصيد في سوء الفهم الذي تتحدث عنه قيادة الجيش بخصوص ما تقوله للشعب عبر وسائل الإعلام!كما أنه لا يمكن أبدا أن نطلب من وسائل الإعلام أن تفهم فهما صحيحا ما يقوله الجيش إذا كان محتوى ما يقوله يحتمل التأويل المغرض أو التأويل غير المغرض! سبب الغموض في مسألة معالجة الإعلام لمحتويات رسالة الجيش إلى الشعب يعود إلى هذا التباين بين الخطاب والفعل في الميدان بخصوص تبني الجيش لمطالب الشعب في إعلاناته السياسية المقدمة للرأي العام وفي دعمه لتجديد النظام نفسه عبر التطبيق التعيس للمادة 102 من طرف بقايا النظام الراحل غيرَ مأسوف عليه.. هناك إذن مسافة لدى قيادة الجيش بين القول والفعل جعلت الرأي العام يرتبك!الرأي العام فهم أن دعم الجيش لعملية محاربة الفساد، على أهميتها، مجرد حملة انتخابية تستهدف استمالة الشعب لبقايا النظام من أجل السعي إلى تجديد نفسه عبر انتخابات رئاسية صورية كما جرت العادة.وقد تأكد هذا الأمر من خلال إقدام رئيس الدولة على عفس الدستور واتخاذ إجراءات غير دستورية بخصوص عزل وتعيين مسؤولين، وليس من صلاحياته فعل ذلك لأنه في مرحلة انتقالية موضوعها هو إجراء انتخابات رئاسية وفقط! لكن الرجل بدأ يقدم نفسه كحاكم جديد رغم أن الشعب يرفضه.. هذا هو سبب سوء فهم الشعب للجيش.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات