عندما قال السياسي كريم طابو إن المعارضة الجزائرية تعيش “ديكالاج” في التوقيت السياسي.. لامه بعض أشباه السياسيين على هذا الإجحاف في حق معارضة كابدت المحن في مواجهتها لهذا النظام الفاسد. لكن الحقيقة أن طابو قد مارس الرأفة بهذه المعارضة البائسة.المعارضة التي تقول إنها تجمّعت في قوى سياسية لنصرة الحراك الشعبي، هي فعلا تستحق أن يقول فيها طابو أكثر مما قال.. بل هي أحق بأن يقول فيها الناشد منير كلاش ما قال: هل الحراك هو قطاع غزة المنكوب حتى تتحد المعارضة لنصرته كما اتحدت لنصرة غزة المنكوبة؟! ألا يحس هؤلاء أنهم يضعون أنفسهم خارج حراك الشعب (وهم كذلك) حين يدعون إلى نصرة الحراك؟! أم أن هؤلاء أصبحوا عاجزين حتى عن صياغة بيان شبه سياسي يحفظ لهم ماء الوجه لما هم فيه!حكاية المعارضة مع الحراك ذكرتني بحكاية بوتفليقة مع الشعب سنة 2004 حين دعا الشعب إلى استفتاء (تاريخي) سأل فيه الشعب “هل أنت مع السلم”، وكأن الرئيس يتوقع أن يقول له الشعب.. لا أنا مع الحرب؟!مصيبة المعارضة أنها لا تعرف ما تريد.. فهي الآن تطالب بإنشاء هيئة مستقلة لمراقبة الانتخابات، وكأنها ماتزال تؤمن بأنه بعد هذا الزلزال السياسي يمكن أن تكون هناك حكومة تمارس التزوير والمطلوب أن تشكل لها لجنة لمراقبتها حتى لا تزوّر؟!المعارضة لم تفهم بعد بأن الانتخابات الحرة وغير المزورة هي إرادة سياسية وليست قوانين وهيئات رقابة.. المفروض في هذه المعارضة أن تطالب بحكومة غير مزورة وليس بهيئة تراقب حكومة التزوير، خاصة بعد هذا الحراك.. مثل هذا الكلام يشبه القول بأن هيئة دربال المدسترة هي هيئة شرعية تمنع التزوير، والحال أن الهيئة أصلا غير دستورية، لأن دسترة هذه الهيئة معناها دسترة التزوير من خلال دسترة محاربته! وليس أسوأ من كل هذا سوى الذين يطالبون باحترام الدستور في إعادة بناء المؤسسات الدستورية المنهارة بالحراك؟! أو لسنا ندري أين كان هؤلاء منذ 7 سنوات أي منذ مرض الرئيس السابق؟!المؤسف أيضا أنه حتى رجال القانون مثل بعض المحامين الذين كان منهم من “يتصوّر” مع صورة الرئيس في “الكادر” تبركا بها، هم الآن يتهمون بعض المحامين الشباب بعدم المهنية الأخلاقية بحجة نشر الإشهار لأنفسهم في الفايسبوك، لأنهم أعلنوا الدفاع عن رجال الحراك مجانا.. إنه البؤس بعينه يا بلدي.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات