قدم الرئيس بوتفليقة الاستقالة، وكانت بالفعل استقالة بطعم الإقالة، جاء هذا واضحا من خلال نص رسالة الاستقالة، حيث كان النص مضطربا قلقا على غير العادة!وقدمت صورة الاستقالة أيضا حالة أخرى من عدم الارتياح، فقد ظهر الرئيس أثناء تقديم الاستقالة لبلعيز، ظهر في بيته وليس في إقامة الدولة، كما كان الأمر مع الشاذلي، وظهر أيضا أنه استبدل الكرسي المتحرك الرئاسي الفاخر بالكرسي المتحرك العادي الذي ظهر جالسا عليه أثناء تقديم الاستقالة! وهي دلالة أخرى على القلق الذي جاءت به الاستقالة بطعم الإقالة! الرئيس ظهر أثناء تقديم الاستقالة في حالة صحية مقبولة، يقرأ ويتحدث مع مستقبليه أحسن من الصور التي كان يقدمها أثناء اللقاءات الرسمية، وكأنه كان يرد على بيان الجيش القائل بأن “العصابة” المسماة بـ”القوة غير الدستورية” التي تسيّر البلاد باسم الرئيس، مجرد كلام، وأن الرئيس هو القوة غير الدستورية التي تسير البلاد منذ 22 فيفري، لأن الشعب خرج الى الشارع وسحب منه الشرعية الدستورية باستفتاء لا غبار عليه، والرئيس وظهر عليه الانكسار المعنوي، ليس لأن الجيش ضغط عليه، بل لأن الشعب هو الذي عزل الرئيس.الرئيس أيضا حرص على أن يستقبل بلعيز مع بن صالح، ربما لإشهاد بن صالح على ما قد يقوله بوتفليقة لبلعيز، أو ربما لقطع الطريق عمن يريد إحلال بلعيز محل بن صالح! ونلمس ذلك من خلال حالة الاضطراب التي ظهر عليها بلعيز وهو يستلم الرسالة من الرئيس!الحراك لا يمكن أن يسكت على المحاسبة الانتقائية لرموز الفساد والجارية حاليا، وأن الحراك الذي تفجرت حريته لا يمكن إسكاته بالحملات الموجهة لأشخاص دون غيرهم، كما أن العدالة والإعلام اللذين استنشقا نسمات الحرية مع الحراك لا يمكن أن تعاد عملية التكميم لهما ثانية!كما أن ضعف الحكومة وضعف رئيس المرحلة الانتقالية وخواء المؤسسات الدستورية وخراب الإدارة لا يمكن أن يسمح بتجاوز الشعب في المطالبة بتطبيق المادة 07 وليس المادة (102) فقط، لأن الجيش سيكون بين نارين: ضرورة احترام إرادة الشعب في إنجاز انتخابات رئاسية حرة ونزيهة وفق المادة 07 التأسيسية، وبين متطلبات إجراء انتخابات بأجهزة فاسدة تؤدي إلى تعيين رئيس بالتزوير المألوف تحت بند الإجماع من أجل المصالحة الوطنية. في هذه الظروف والأجواء يصبح العمل خارج الترتيبات الدستورية مسألة حيوية لا يمكن تجاوزها، لأن ذلك يعد تجاوزا لمطالب الشعب التي قال قائد الجيش إنه ملزم بها كاملة غير منقوصة. وفي هذا الجو البائس تصبح استقالة أو إقالة الرئيس مسألة لا تفي بالغرض المطلوب لتغيير النظام كما يطالب الشعب.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات