شيء مؤسف أن تدعي السلطة أن المظاهرات قد تنزلق إلى العنف، والسلطة نفسها هي التي تمارس العنف المادي والمعنوي الذي يزيد في حقد الشعب على هذه السلطة، فالعراك الداخلي للسلطة أصبح في الشارع!العنف المعنوي الذي مارسته السلطة قبل المظاهرات هو اتهامها لفظيا المتظاهرين بالعمالة للخارج، وبالبلهاء المغرر بهم! وبالنوايا المبيتة للمتظاهرين لتحويل الجزائر إلى سوريا أو ليبيا أو على الأقل العودة الى العشرية الحمراء، دون أن تحس السلطة أن ما تقوله هو إدانة لها قبل أن يكون إدانة لخصومها. فمن هذه القوة الأجنبية التي تغرر بملايين الجزائريين وتصبح شعبيتها في الجزائر أكبر من شعبية الحكام؟! وهم يقولون إننا نحكم البلاد برشادة سياسية واقتصادية حكيمة؟!أما العنف المادي الذي مارسته السلطة بغباء ضد الشعب وزادت من رفع منسوب الغضب الشعبي ضد هذه السلطة، والتحاق المترددين بالمظاهرات، هو إقدام السلطة على قطع وسائل المواصلات في وجه المواطنين، وقطع الأنترنت! ولم يبق لها سوى قطع الماء والكهرباء على المواطنين لحملهم على الاهتمام بمشاكلهم حتى لا يلتحقوا بالمظاهرات، وبذلك تقدم السلطة نفسها على أنها تقوم بإنجاز انسحاب فوضوي!اللافت أيضا أن السلطة دفعت برموزها إلى إحداث مشاجرات مع الأمة في جميع المجالات، فرئيس الحكومة.. الوزير الأول، قام بمشاجرات بائسة مع النواب زادت من منسوب الغضب الشعبي، خاصة وأن هذه المشاجرات تمت على المباشر.. ومدير حملة الرئيس يدعو الجندرمة إلى استعمال الكلاش بالرصاص ضد المتظاهرين، وهي حالة كان من المفروض أن يتحرك على إثرها النائب العام! وحداد يتدخل في القرارات السياسية كما لو كان سلطة فعلية، وهو مازاد في غضب المواطنين! ورئيس البرلمان يشتم على المباشر النواب في تعبيرات سوقية!والمؤسف أيضا أن هذا كله يجري في ظل غياب الرئيس عن المشهد العام في البلاد، فلأول مرة يحدث هذا الارتباك في الإعلان عن تنقل الرئيس إلى سويسرا للعلاج، ولا يعلن عن العودة أو البقاء هناك!ولأول مرة ينتفض قياديون في الأفالان ضد قيادة حزبهم وضد العهدة الخامسة لرئيسهم! ولأول مرة يستبدل دعاة العهدة الخامسة نشاطهم السياسي من الأحزاب التقليدية إلى الزوايا!لهذه الأسباب كلها ظهرت السلطة كما لو كانت تعيش أيامها الأخيرة، وأن المسيرة المليونية ليوم الجمعة 1 مارس ما هي إلا تحصيل حاصل، الخطر كل الخطر هو أن سلطة ظهرت بمظهر أنها لا تملك استراتيجية للبقاء في السلطة، مثلما لا تملك استراتيجية للانسحاب منها.. غير استراتيجية استعمال القوة، وهذه هي الخطورة بعينها[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات